نفيه حقيقة لا ادعاء ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وإن كانت القضية إنشائية ، إما بمعنى نفي الحكم تشريعا ، حيث إنّ جعله وسلبه بيد الشارع ، أو بمعنى نفي الموضوع تشريعا ، فالنفي حقيقي لا ادعائي.
أما نفي الحكم فواضح وأما نفي الموضوع ، فانّ الموضوع في مرتبة موضوعيته للحكم مجعول بجعل الحكم بالعرض ـ لما مرّ منا غير مرة ـ أن حقيقة الحكم بالاضافة إلى موضوعه المتقوم به في مرحلة تحققه بحقيقة الحكمية من قبيل عوارض الماهية ، ومثل هذا العارض يكون ثبوت معروضه بثبوته ، فالحكم مجعول بالذات ، ومعروضه المقوم له مجعول بالعرض ، وجعله كجعل الحكم جعل بسيط ، وسلبه التشريعي كسلب الحكم سلب بسيط.
فان قلت : حيث إن جعل الموضوع تشريعا بعين جعل حكمه ، فكذا سلبه بعين سلب حكمه ، فاذا كانت القضية خبرية صح الاخبار عن سلب الموضوع بالعرض بنحو المطابقة ، وعن سلب حكمه بالذات بنحو الالتزام.
وأما إذا كانت القضية إنشائية ، فسلب الموضوع بالعرض لا يستقل بالوجود ، بل بعين سلب الحكم ، فمرجع القضية إلى إنشاء سلب الحكم بالمطابقة ، فيستتبع سلب موضوعه بالعرض بالالتزام ، وإلا فانشاء سلب الموضوع مستقلا وبالذات فهو غير معقول.
قلت : نعم سلبه حقيقة بالاستقلال غير معقول ، إلا أن إنشاء سلبه عنوانا وإنشاء سلب حكمه حقيقة ولبّا أمر معقول ، فسلبه الحقيقي سلب بالعرض ، لا سلبه الانشائي ، كانشاء الترخيص في التصرف قاصدا به التمليك ؛ فان الترخيص المتفرع على الملك حقيقة متأخر عن حقيقة الملك ، فلا يعقل تقدمه عليه.
إلا أن جعله إنشاء قاصدا به جعل الملكية حقيقة أمر معقول.