يرتفع قبح الكذب بمجرّد جلب منفعة الى نفسه أو الى غيره.
مع أن تحمل المضارّ لجلب المنافع التي لا يتضرر بعدم تحصيلها مما عليه مدار عمل العقلاء من دون شبهة في عدم قبحه.
وليس كذلك الاضرار بالغير ، فانه قبيح ولو مع عود نفع إليه.
فيعلم أن عدم الاقدام على الضرر المحض لكونه سفهائيا ، لا لكونه قبيحا بملاك قبح الظلم. وعليك بارجاع ما أفاده شيخنا العلامة رفع الله مقامه اليه.
ثم إنه لو سلمنا كون الاقدام على الضرر ظلما على النفس ، لكنه لا يجدي لما نحن فيه ، فإن الحسن والقبح بمعنى كون الفعل ممدوحا عليه ، وكونه مذموما عليه من صفات الأفعال الاختيارية الصادرة عن علم وعمد.
فلا يصدر ضرب اليتيم حسنا إلا إذا صدر بعنوان التأديب اختيارا ، ولا يكفي صيرورته مصداقا للتأديب واقعا.
كما أن الصدق لا يصدر قبيحا إلا ـ إذا صدر بعنوان كونه مهلكا للمؤمن عن علم وعمد ، ولا يكفي كونه واقعا كذلك.
وعليه ، فقبح الفعل بما هو إضرار لا يجدي ، إلا إذا صدر بعنوانه عن علم وعمد.
فوجوب دفع الضرر المحتمل يحتاج إلى بناء آخر من العقلاء دون ذلك البناء.
وحيث إن المحتمل ليس فيه إلا المفسدة الواقعية على فرض ثبوتها ، بداهة أن محتمل المفسدة ليس بأعظم من مقطوعها ، فليس في المحتمل بناء بملاك التحسين والتقبيح العقليين.
نعم يعقل منهم بناء آخر بنحو البناء على حجية الظاهر ، أو حجية خبر الثقة ، بحيث تتنجز المفسدة الواقعية المحتملة باحتمالها على تقدير ثبوتها.