على خلقي ، فقالت الملائكة : « سبحانك أتجعل فيها من يفسد فيها » كما أفسد بنو الجان (١) ويسفكون الدماء كما سفكت بنوالجان ، ويتحاسدون ويتباغضون ، فاجعل ذلك الخليفة منا فإنا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نفسك الدماء « ونسبح بحمدك ونقدس لك » فقال جل وعز : « إني أعلم مالا تعلمون » إني اريد أن أخلق خلقا بيدي ، وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين ، وعبادا صالحين ، وأئمة مهتدين ، أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضى ينهونهم عن معصيتي ، وينذرونهم من عذابي ، ويهدونهم إلى طاعتي ، ويسلكون بهم سبيلى ، (٢) وأجعلهم لي حجة عليهم وعذرا ونذرا ، وابين النسناس عن أرضي (٣) واطهرها منهم ، وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي ، واسكنهم في الهواء وفي أقطار الارض فلا يجاورون نسل خلقي ، وأجعل بين الجن وبين خلفي حجابا فلا يرى نسل خلقي الجن ولا يجالسونهم ولا يخالطونهم ، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم اسكنهم مساكن العصاة و أوردتهم مواردهم ولا ابالي. قال : فقالت الملائكة : ياربنا افعل ما شئت « لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » قال : فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام ، قال : فلاذوا بالعرش فأشاروا بالاصابع ، فنظر الرب جل جلاله إليهم ونزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال : طوفوا به ، ودعوا العرش فإنه لي رضا. فطافوا به وهو البيت الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا ، فوضع الله البيت المعمور توبة لاهل السماء ، ووضع الكعبة توبة لاهل الارض ، فقال الله تبارك وتعالى : « إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون * فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين » قال : وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم ، قال : فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات ـ وكلتا يديه يمين ـ فصلصلها في كفه حتى جمدت ، (٤) فقال لها : منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والائمة المهتدين
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة : كما افسدت بنوالجان.
(٢) في نسخة : ويسلكون بهم طريق سبيلى.
(٣) اى افصل النسناس من ارضى. وفى نسخة : ابير. وفى اخرى والمصدر : ابيد اى اهلكهم.
(٤) في نسخة : فجمدت.