تعريضا لمن خالفه لاستحقاق مزيد الثواب. (١)
« هذا صراط علي مستقيم » قال الطبرسي فيه وجوه : أحدها : أنه على جهة التهديد له ، كما تقول لغيرك : افعل ما شئت وطريقك علي أي لا تفوتني. وثانيها : معناه أن ما تذكره من أمر المخلصين والغاوين طريق ممره علي ، أي ممر من سلكه مستقيم لا عدول فيه عني ، واجازي كلا من الفريقين بما عمل. وثالثها : هذا دين مستقيم علي بيانه والهداية إليه « ليس لك عليهم سلطان » أي قدرة على إكراههم على المعصية.
« إلا من اتبعك » لانه إذا قبل منه صار عليه سلطان بعدوله الهدى إلى ما يدعوه إليه ، وقيل : الاستثناء منقطع والمراد : ولكن من اتبعك من الغاوين جعل لك على نفسه سلطانا. (٢)
« ءأسجد لمن خلقت طينا » استفهام إنكار « هذا الذي كرمت » أي فضلته « علي » يعني آدم على نبينا وآله وعليه السلام « لا حتنكن » أي لا غوين « ذريته » وأقودنهم معي إلى المعاصي كما يقاد الدابة بحنكها إذا شد فيه حبل تجربه « إلا قليلا » وهم المخلصون ، وقيل : « لاحتنكنهم » أي لاستولين عليهم ، وقيل : لاستأصلتهم بالاغواء من احتناك الجراد الزرع ، وهو أن يأكله ويستأصله (٣) « واستفزز » الاستفزاز : الازعاج والاستنهاض على خفة وإسراع « بصوتك » أي ضلهم بدعائك ووسوستك ، من قولهنم : صوت فلان بفلان : إذا دعاه ، وهذا تهديد في صورة الامر ، وقيل : بصوتك أي بالغناء والمزامير والملاهي ، وقيل : كل صوت يدعى به إلى الفساد فهو من صوت الشياطين « وأجلب عليهم بخيلك ورجلك » الاجلاب : السوق بجلبة وهي شدة الصوت ، أي أجمع عليهم ما قدرت عليه من مكائدك وأتباعك و ذريتك وأعوانك ، فالباء مزيدة ، وكل راكب أو ماش في معصية الله من الانس والجن
ـــــــــــــــ
(١) أنوار التنزيل : ج ١ : ٢٥.
(٢) مجمع البيان ٦ : ٥٣٧ و ٥٣٨.
(٣) أضاف الرضى قدسسره في كتابه تلخيص البيان على هذه الوجوه وجوها اخر منها : أن المعنى : لا لقين في أحناكهم حلاوة المعاصى حتى يستلذوها ويرغبوا فيها ويطلبوها. ومنها : أن المراد بذلك : لا ضيقن عليهم مجارى الانفاس من أحناكهم بابطال الوسوسة لهم وتضاعف الاغواء عليهم ، يقال : احتنك فلان فلانا : إذا أخذ مجرى النفس من حنكه ، فكان كالشبا في مقتله والشجا في مسعله. واختار من الوجوه الوجه الاول المذكور في المتن.