تذنيب : اعلم أن أعظم شبه المخطئة للانبياء عليهمالسلام تمسكوا بها قصة آدم عليهالسلام ، واستدلوا بما ورد فيها بوجوه :
الاول : أنه كان عاصيا لقوله تعالى : « وعصى آدم ربه » والعاصي لابد أن يكون صاحب كبيرة لقوله تعالى : « ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جنهم » ولان العاصي اسم ذم فوجب أن لا يتناول إلا صاحب الكبيرة.
وأجاب عنه السيد علم الهدى رضياللهعنه (١) بأن المعصية مخالفة الامر ، والامر من الحكيم تعالى يكون بالواجب وبالندب ، وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصيا كما يسمى بذلك تارك الواجب ، ولهذا يقولون : أمرت فلانا بكذا وكذا من الخير فعصاني وخالفني وإن لم يكن ما أمر به واجبا. واعترض عليه بأنه مجاز والاصل في الاطلاق الحقيقة. واجيب بمنع كونه مجازا فيه ، والاضهر أن يقال : على تقدير تسليم كونه مجازا لابد من أن يصار إليه عند معارضة الادلة القطعية ، بل قد يرتكب المجاز عند معارضة دليل ظني أيضا.
وأجاب المجوزون للذنب عليهم عليهمالسلام قبل النبوة بأن آدم عليهالسلام لم يكن نبيا حين صدرت المعصية عنه ثم بعد ذلك صار نبيا ولا محذور فيه. واجيب أيضا بأن المعصية كانت عن آدم عليهالسلام في الجنة لا في الارض التي هي دار التكليف فلا يلزم صدور المعصية عنهم عليهمالسلام قبل النبوة ولا بعدها في دار التكليف ، وقد عرفت مما أوردنا في باب العصمة ضعفهما وعدم استقامتهما على اصول الامامية ، مع أن الاخير لا ينطبق على شئ من المذاهب ، وقد ذكرنا ههنا تأويل الخبرين اللذين يوهمانهما ، واجيب أيضا بأن معصيته كانت من الصغائر المكفرة دون الكبائر ، وهو جواب أكثر المعتزلة وقد عرفت ضعفه.
واجيب أيضا بأنه لما نهي عن الاكل من الشجرة ظن أن النهي عن عين الشجرة لا عن نوحها ، وكان الله سبحانه أراد نهيه عن نوعها ، ولكنه لم يقل لهما : لا تقربا هذه الشجرة ولا ما كان من جنسها ، واللفظة قد يراد بها النوع كما روي عن النبي (ص) أنه أشار إلى حرير وذهب وقال : « هذان حرامان على رجال امتي » وكان ظنه ذلك لان إبليس حلف لهما بالله كاذبا إنه لهما الناصحين ، ولم يكن شاهد قبل ذلك من يحلف بالله كذلك ،
ـــــــــــــــ
(١) راجع تنزيه الانبياء ص ٩ ـ ١٤. م