بلفظ التثنية لكونهما صنفين ونوعين ، ومرة عبر عنهم بلفظ الجمع وهو قوله : « فتعالى الله عما يشركون. (١)
الوجه الثالث في الجواب : سلمنا أن الضمير في قوله : « جعلا له شركاء فيما آتيهما » عائد إلى آدم وحواء إلا أنه تعالى لما آتاهما ذلك الولد الصالح عزما على أن يجعلاه وقفا على خدمة الله وطاعته وعبوديته على الاطلاق ، ثم بدالهما في ذلك فتارة كانوا ينتفعون به في مصالح الدينا ومنافعها ، وتارة كانوا يأمرونه بخدمة الله وطاعته ، وهذا العمل وإن كان منا قربة وطاعة إلا أن حسنات الابرار سيئات المقربين ، فلهذا قال الله تعالى : « فتعالى الله عما يشركون » والمراد من هذه الآية ما نقل عنه عليهالسلام أنه قال حاكيا عن الله سبحانه : « أنا أغنى الا غنياء عن الشرك ، من عمل أشرك فيه غيري تركته وشركته » وعلى هذا التقدير فالاشكال زائل.
الوجه الرابع في التأويل : (٢) أن نقول : سلمنا صحة تلك القصة المذكورة إلا أنا نقول : إنهم سموا بعبد الحارث لاجل أنهم اعتقدوا أنه إنما سلم من الآفة والمرض بسبب دعاء ذلك الشخص المسمى بالحارث ، وقد سمي المنعم عليه عبيدا للمنعم ، يقال في المثل : أنا عبد من تعلمت منه حرفا ، فآدم وحواء سميا ذلك الولد تنبيها على أنه إنما سلم عن الآفات ببركة دعائه ، وهذا لا يقدح في كونه عبدالله من جهة أنه مملوكه ومخلوقه إلا أنا قد ذكرنا أن حسنات الابرار سيئات المقربين ، فلما حصل الاشتراك في لفظ العبد لا جرم صار آدم عليهالسلام معاتبا في هذا العمل انتهى. (٣)
وقد ذكر الشيخ الطبرسي رحمهالله في تفسيره (٤) والسيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب الغرر والدرر (٥) وكتاب تنزيه الانبياء (٦) وجوها اخر وفيها ذكرناه كفاية.
ـــــــــــــــ
(١) وهذا التأويل هو الذى تقدم في الخبر الثالث.
(٢) وهو أبعد الوجوه ، فكيف اعتقد آدم ٧ أن ابنه سلم من الافة بدعاء ابليس وهو مطرود عن رحمة الله؟ هذا إن كان المراد بالحارث الشيطان ، وان كان غيره فمن هو؟ وأيضا فكيف لم يدع الله آدم وهو خليفته في الارض ، واستدعى من غيره ذلك حتى ابتلى بعتابه تعالى.
(٣) مفاتيح الغيب ج ٤ : ٣٤١ ـ ٣٤٣.
(٤) ج ٤ ص ٥٠٨ ـ ٥١٠. م
(٥) ص ١٣٧ ـ ١٤٣. م
(٦) ص ١٤ ـ ١٨. م