فكيف لي بهذا فأعبده حق عبادته ، فجلا بطائفة من قومه (١) فجعل يعظهم و يذكرهم ويخوفهم ويدعوهم إلى عبادة خالق الاشياء ، فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد حتى صاروا سبعة ثم سبعين إلى أن صاروا سبعمائة ثم بلغوا ألفا ، فلما بلغوا ألفا قال لهم : تعالو نختر من خيارنا (٢) مائة رجل ، فاختاروا من خيارهم مائة رجل ، واختاروا من المائة سبعين رجلا ، ثم اختاروا من السبعين عشرة ، ثم اختاروا من العشرة سبعة ، ثم قال لهم : تعالوا فليدع هؤلاء السبعة وليؤمن بقيتنا فلعل هذا الرب جل جلاله يدلنا على عبادته فوضعوا أيديهم على الارض ودعوا طويلا فلم يتبين لهم شئ ، ثم رفعوا أيديهم إلى السماء فأوحى الله عزوجل إلى إدريس عليهالسلام ونبأه ودله على عبادته ، ومن آمن معه فلم يزالوا يعدون الله عزوجل لا يشركون به شيئا حتى رفع الله عزوجل إدريس إلى السماء و انقرض من تابعه على دينه إلا قليلا ، ثم إنهم اختلفوا بعد ذلك وأحدثوا الاحداث و أبدعوا البدع حتى كان زمان نوح عليهالسلام. (٣)
٢ ـ ك : أبي وابن الوليد وابن المتوكل جميعا ، عن سعد والحميري ومحمد العطار ، عن ابن عيسى وابن هاشم جميعا ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن أبي جفعر محمد بن علي الباقر (ع) قال : كان بدء نبوة إدريس عليهالسلام أنه كان في زمانه ملك جبار (٤) وإنه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة لعبد مؤمن من الرافضة (٥) فأعجبته ، فسأل وزراءه : لمن هذه الارض؟ قالوا : لعبد من عبدالملك فلان الرافضي ، فدعابه فقال له : أمتعني بأرضك هذه ، (٦) فقال لها : عيالي أحوج إليها منك ، قال : فسمني بها
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة : فخلا بطائفة من قومه.
(٢) في نسخة : تعالوا نختار من خيارنا.
(٣) علل الشرائع : ٢١. م
(٤) قال المسعودى في اثبات الوصية : إنه « بيوراسب ».
(٥) أى من الذين رفضوا الشرك والمعاصى وتركوا مذهب السلطان ، وعبر ٧ بذلك لئلايهتم أصحابه مما ينابرهم العامة بهذا اللقب ويعلموا أن ذلك كان ديدن أهل الدنيا سلفا و خلفا وعادتهم ، رواه المسعودى في اثبات الوصية وقال : فقيل : انها لرجل من الرافضة كان لا يتبعه على كفره ويرفضه يسمى رافضيا فدعى به.
(٦) أى صيرنى انتفع وألتذبه.