دعاه بشرط الايمان « لا عاصم اليوم من أمر الله » أي من عذابه « إلا من رحم » أي رحمهالله بإيمانه ، فآمن بالله يرحمك الله « فكان من المغرقين » أي فصار منهم. (١)
« وقيل يا أرض ابلعي ماءك » أي قال الله للارض انشفي ماءك الذي نبعت به العيون واشربي ماءك حتى لا يبقى على وجهك شئ منه ، وهذا إخبار عن ذهاب الماء عن وجه الارض بأوجز مدة فجرى مجرى أن قيل لها فبلعت « ويا سماء أقلعي » أي أمسكي عن المطر « وغيض الماء » أي ذهب عن وجه الارض إلى باطنه ، ويقال : إن الارض ابتلعت جميع مائها وماء السماء لقوله : « وغيض الماء » ويقال : لم تبتلع ماء السماء لقوله : « أبلعي ماءك » وإن ماء السماء صار بخارا وأنهارا وهو المروي عن أئمتنا عليهمالسلام « وقضي الامر » أي وقع هلاك الكفار على التمام ، أو الامر بنجاة نوح ومن معه « واستوت » أي استقرت السفينة « على الجودي » قيل : رست السفينة على الجودي شهرا « وقيل بعدا » أي قال الله تعالى ذلك ، ومعناه : أبعد الله الظالمين. (٢)
« إنه ليس من أهلك » روي عن علي بن مهزيار ، عن الوشاء ، عن الرضا عليهالسلام قال : قال أبوعبدالله (ع) : إن الله قال لنوح : « إنه ليس من أهلك » لانه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من أهله « إنه عمل غير صالح » قال المرتضى قدس الله روحه : التقدير أنه ذوعمل غير صالح كما في قول الخنساء : فإنما هي إقبال وإدبار ، قال : ومن قال : إن المعنى أن سؤالك إياي ما ليس لك به علم غير صالح فإن من امتنع من أن يقع على الانبياء شئ ء من القبائح يدفع ذلك ، فإذا قيل له : فلم قال : « فلا تسألن ما ليس لك به علم » وكيف قال نوح : « رب إني أعوذبك أن سألك ما ليس لي به علم »؟ قال : لا يمتنع أن يكون نهي عن سؤال ما ليس له به علم وإن لم يقع منه ، وأن يعوذ من ذلك وإن لم يوقعه ،
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٥ : ١٦٤. م
(٢) « « ٥ : ١٦٤ ـ ١٦٥. فيه : ابعدالله الظالمين من رحمته. وقد ذكر الطبرسى أن في هذه الاية من بدائع الفصاحة وعجائب البلاغة مالا يقاربه كلام البشر ولا يدانيه منها و يروى ان كفار قريش ارادوا ان يتعاطوا معارضة القرآن فعكفوا على لباب البر ولحوم الضأن وسلاف الخمر اربعين يوما لتصفو أذهانهم فلما اخذوا فيما ارادوا سمعوا هذه الاية فقال بعضهم لبعض : هذا كلام لا يشبهه شئ من الكلام ولايشبه كلام المخلوقين وتركوا ما اخذوا فيه وافترقوا. م