مانعا له « بماء منهمر » أي منصب انصبابا شديدا لا ينقطع « وفجرنا الارض عيونا » أي شققنا الارض بالماء عيونا حتى جرى الماء على وجه الارض « فالتقى الماء » أي ماء السماء وماء الارض ، وإنما لم يثن لانه اسم جنس يقع على القليل والكثير « على أمر قد قدر » فيه هلاك القوم أي قدره الله ، وقيل : على أمر قدره الله تعالى وعرف مقداره فلا زيادة فيه ولا نقصان ، وقيل : إنه كان قدر ماء السماء مثل قدر ماء الارض ، وقيل : على أمر قدره الله عليهم في اللوح المحفوظ « وحملناه على ذات ألواح » أي على سفينة ذات ألواح مركبة جمع بعضها إلى بعض ، وألواحها أخشابها التي منها جمعت « ودسر » أي مسامير شدت بها السفينة ، وقيل : هو صدر السفينة يدسر به الماء ، وقيل : هي أضلاع السفينة ، وقيل : الدسر : طرفاها وأصلها والالواح جانباها « بأعيننا » أي بحفظنا وحراستنا « جزاء لمن كان كفر » أي فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثوابا لمن كان كفر وجحد أمره وهو نوح (ع) والتقدير : لمن جحد نبوته وكفر بالله فيه « ولقد تركناها » أي هذه الفعلة « آية » أي علامة يعتبربها ، أو تركنا السفينة ونجاة من فيها وإهلاك الباقين دلالة باهرة على وحدانيته تعالى ، وعبرة لمن اتعظ بها ، وكانت السفينة باقية حتى رآها أوائل هذه الامة ، وقيل في كونها آية : إنها كانت تجري بين ماء السماء وماء الارض وقد كان غطاها على ما أمر الله تعالى به « فهل من مدكر » أي متذكر يعتبر « فكيف كان عذابي ونذر » هذا استفهام ومعناه التعظيم ، وأي كيف رأيتم انتقامي منهم إنذاري إياهم؟ « ولقد يسرنا القرآن للذكر » أي سهلناه للحفظ القراءة. (١)
« فخانتاهما » قال ابن عباس : كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس : إنه مجنون وإذا آمن بنوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به ، وكان أمرأة لوط تدل على أضيافه وكان ذلك خيانتهما لهما ، وما بغت امرأة نبي قط وإنما كانت خيانتهما في الدين ، وقال السدي : كانت خيانتهما أنهما كانتا كافرتين ، وقيل : كانتا منافقتين ، وقال الضحاك : خيانتهما النميمة إذا أوحى الله إليهما أفشتاه إلى المشركين « فلم يغنيا عنهما من الله شيئا » أي فلم يغن نوح ولوط مع نبوتهما عن امرأتيهما من عذاب الله شيئا ، وقيل أي ويقال لهما يوم القيامة :
ـــــــــــــــ
(١) مجمع البيان ٩ : ١٨٩. م