٦ ـ قال : فحدثني أبي ، عن صفوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : لما أراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة (١) فلم يلد فيهم مولود ، فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله أن ينادي بالسريانية ، لا يبقى بهيمة ولا حيوان إلا حضر ، فأدخل من كل جنس من أجناس الحيوان زوجين في السفينة ، وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا فقال الله عزوجل : « احمل فيها من كل زوجين اثنين و أهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل » وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة ، فلما كان في اليوم الذي أراد الله هلاكهم كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور (٢) في مسجد الكوفة ، وقد كان نوح اتخذ لكل ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السفينة ، وجمع لهم فيها ما يحتاجون إليه من الغذاء ، فصاحت (٣) امرأته لما فار التنور فجاء نوح إلى التنور ، فوضع عليها طينا وختمه حتى أدخل جميع الحيوان السفينة ، ثم جاء إلى التنور ففض الخاتم ورفع الطين ، وانكسفت الشمس ، وجاء من السماء ماء منهمرصب بلاقطر ، وتفجرت الارض عيونا ، وهو قوله عزوجل : « ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر » قال الله عزوجل : « اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسها » يقول : مجراها أي مسيرها ، ومرساها أي موقفها ، فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم فقال له : « يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين » فقال ابنه كما حكى الله عزوجل : « سآوي إلى جبل يعصمني من الماء » فقال نوح : « لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم » ثم قال نوح : « رب ان ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين » فقال الله : « يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين » فقال نوح كما حكى الله تعالى : « رب إني أعوذبك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفرلي ترحمني أكن من الخاسرين » فكان كما حكى الله : « وحال بينهما الموج فكان من المغرقين » فقال أبوعبدالله عليهالسلام : فدارت السفينة وضربتها
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة : أربعين عاما.
(٢) « « : بنار التنور.
(٣) « « : وصاحت.