وغرسوا النوى ، فلما أثمر أتوابه نوحا (ع) ثم قاوا له : لم يبق منا إلا القليل ونحن نتخوف على انفسنا بتأخر الفرج إن نهلك ، فصل نوح (ع) ثم قال : يا رب لن يبق من أصحابي إلا هذه العصابة وإني أخاف عليهم الهلاك إن تؤخر الفرج عنهم ، فأوحى الله عزوجل إليه : قد أجبت دعوتك فاصنع الفلك ، فكان بين إجابة الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة. (١)
بيان : قال الجزري : يقال : برح به : إذا شق عليه ، ومنه الديث : ضربا غير مبرح أي غير شاق.
٤٩ ـ يج : من تاريخ محمد النجار شيخ المحدثين بالمدرسة المستنصرية بإسناد مرفوع إلى أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لما أراد الله أن يهلك قوم نوح أوحى إليه ، أن شق ألواح الساج فلما شقها لم يدر ما يصنع بها ، فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت بها مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار ، فسمر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأشرق بيده وأضاء كما يضئ الكوكب الدري في افق السماء ، فتحير نوح فأنطق الله المسمار بلسان طلق ذلق (٢) فقال : أنا على اسم خير الانبياء محمد بن عبدالله ، فهبط جبرئيل (ع) فقال له : يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟ فقال : هذا باسم سيد الانبياء محمد بن عبدالله ، اسمره (٣) على أولها على جانب السفينة الايمن. ثم ضرب بيده إلى مسمار ثان فأشرق وأنار ، فقال نوح : وما هذا السمار؟ فقال : هذا مسمار أخيه وابن عمه سيد الاوصياء علي بن أبي طالب فاسمره على جانب السفينة الايسر في أولها ، ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال جبرئيل (ع) : هذا مسمار فاطمة فاسمره إلى جانب مسمار أبيها ، ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار ، فقال جبرئيل : هذا مسمار الحسن فاسمره إلى جانب مسمار أبيه ، ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر وأنار وأظهر النداوة ، فقال جبرئيل هذا مسمار الحسين فاسمره إلى جانب مسمار أبيه ، فقال نوح : يا جبرئيل ما هذا النداوة؟
ـــــــــــــــ
(١) كمال الدين : ٧٩ ـ ٨٠. م
(٢) أى بلسان فصيح ذى الحدة.
(٣) أى شده بالمسمار.