وشرابهم فأكلوا وشربوا ، فلما أن فرغوا دعوه فقالوا : يا صالح سل ، فدعا صالح كبير أصنامهم فقال : ما اسم هذا؟ فأخبروه باسمه ، فناداه باسمه فلم يجب ، فقال صالح : ماله لا يجيب؟ فقالوا له : ادع غيره ، فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه واحد منهم! فقال : يا قوم قد ترون قد دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة ، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها : ما بالكن لا تجبن صالحا؟ فلم تجب ، فقالوا : يا صالح تنح عنا ودعنا وأصنامنا قليلا ، قال : فرموا بتلك البسط التي بسطوها ، وبتلك الآنية وتمرغوا في التراب (١) وقالوا لها : لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن ، ثم دعوه فقالوا : يا صالح تعال فسلها ، فعاد فسألها فلم تجبه ، فقالوا : إنما أراد صالح أن تجيبه و تكلمه بالجواب ، قال : فقال : يا قوم هوذا ترون قد ذهب النهار ولا أرى آلهتكم تجيبني ، فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة ، قال : فانتدب له سبعون رجلا من كبرائهم وعظمائهم والمنظور إليهم منهم فقالوا : يا صالح نحن نسألك ، قال : فكل هؤلاء يرضون بكم؟ قالوا نعم فإن أجابوك هؤلاء أجبناك ، قالوا : يا صالح نحن نسألك فإن أجابك ربك اتبعناك وأجبناك وتابعك جميع أهل قريتنا ، فقال لهم صالح : سلوني ما شئتم ، فقالوا : انطلق بنا إلى هذا الجبل ـ وجبل قريب ـ منه حتى نسألك عنده ، قال : فانطلق وانطلقوا معه فلما انتهوا إلى الجبل قالوا : يا صالح اسأل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء ـ وفي رواية محمد بن نصر : حمراء شعراء بين جنبيها ميل ـ قال : قد سألتموني شيئا يعظم علي ويهون على ربي ، فسأل الله ذلك فانصدع الجبل صدعا (٢) كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته ، قال : واضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاص ثم لم يفجأهم (٣) إلا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع ، فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج سائر جسدها ثم استوت على الارض قائمة ، فلما رأوا ذلك قالوا : يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك! فسله أن يخرج لنا فصيلها ، قال : فسأل الله تعالى ذلك فرمت به فدب حولها ، فقال : يا قوم أبقي شئ؟ قالوا : لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم
ـــــــــــــــ
(١) تمرغ في التراب : تقلب.
(٢) أى انشق الجبل شقا.
(٣) في نسخة : لم يعجلهم.