٨ ـ فس : قوله : « وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو أنشأكم من الارض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب » إلى قوله : « وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب » فإن الله تبارك وتعالى بعث صالحا إلى ثمود وهو ابن ست عشر سنة (١) لا يجيبونه إلى خير ، وكان لهم سبعون صنما يعبودنها من دون الله ، فلما رأى ذلك منهم قال لهم : يا قوم بعثت إليكم وأنا ابن ست عشر سنة ، و قد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم أمرين : إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم ، وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني خرجت عنكم ، فقالوا : أنصفت فأمهلنا فأقبلوا يتعبدون ثلاثة أيام ويتمسحون الاصنام (٢) ويذبحون لها ، وأخرجوها إلى سفح الجبل ، وأقبلوا يتضرعون إليها ، فلما كان يوم الثالث قال لهم صالح عليهالسلام : قد طال هذا الامر فقالوا له : سل (٣) ما شئت ، فدنا إلى أكبر صنم لهم فقال له : ما اسمك؟ فلم يجبه ، فقال « لهم خ » : ماله لا يجيبني؟ قالوا له : تنح عنه ، فتنحى عنه فأقبلوا إليه يتضرعون و وضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا : فضحتنا ونكست رؤوسنا ، فقال صالح : قد ذهب النهار ، فقالوا : سله ، فدنا منه فكلمه فلم يجبه ، فبكوا وتضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبه بشئ ، فقالوا : إن هذا لا يجيبك ، ولكنا نسأل إلهك ، فقال لهم : سلوا (٤) ما شئتم ، فقالوا : سله أن يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء ، (٥) أي حاملة ، تضرب منكبيها طرفي الجبلين ، وتلقي فصيلها من ساعتها ، وتدرلبنها ، فقال صالح : إن الذي سألتموني عندي عظيم وعندالله هين ، فقام فصلى ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعواله دويا شديدا فزغوا منه وكادوا أن يموتوا منه ، فطلع رأس الناقة وهي تجتر ، (٦) فلما خرجت ألقت فصيلها ، ودرت بلبنها
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة : وهو ابن ستة عشر سنة وكذا فيما بعده. قلت : تقدم الحديث مسندا عن الياشى تحت رقم ٣ راجعه.
(٢) في نسخة يتمسحون بالاصنام.
(٣) في الممصدر : « اسأل » في جميع المواضع. م
(٤) في نسخة : سلوه.
(٥) في نسخة : شعراء بدل شقراء.
(٦) اجتر البعير : أعاد الاكل من بطنه فمضغه ثانية.