يعقرها ، قالوا : فما علامته فوالله لانجده إلا قتلناه؟ قال : إنه غلام أشقر أزرق أصهب (١) أحمر ، قال : فكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لاحدهما ابن رغب له عن المناكح ، وللآخر ابنة لا يجد لها كفوا ، فزوج أحدهما ابنته بابن الآخر فولد بينهما المولود ، فلما قال لهم صالح : إنما يعقرها مولود فيكم اختاروا قوابل من القرية وجعلوا معهن شرطا يطوفون في القرية ، فإذا وجدوا امرأة تلد نظروا ولدها ماهو ، فلما وجدوا ذلك المولود صرخت النسوة وقلن : هذا الذي يريد نبي الله صالح ، فأراد الشرط أن يأخذوه فحال جداه بينه وبينهم وقالوا : لو أراد صالح هذا لقتلناه ، فكان شر مولود ، وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة ، فاجتمع تسعة رهط منهم يفسدون في الارض ولا يصلحون كانوا قتلوا أولادهم خوفا من أن يكون عاقر الناقة منهم ثم ندموا فأقسموا ليقتلن صالحا وأهله ، وقاوا : نخرج فنري الناس إننا نريد السفر فنأتي الغار الذي على طريق صالح فنكون فيه ، فإذا جاء الليل وخرج صالح إلى مسجده قتلناه ثم رجعنا إلى الغار ثم انصرفنا إلى رحالنا وقلنا : ما شهدنا قتله فيصدقنا قومه ، وكان صالح لا ينام (٢) معهم ، كان يخرج إلى مسجد له يعرف بمسجد صالح فيبيت فيه ، فلما دخلوا الغار سقط عليهم صخرة فقتلتهم ، فانطلق رجال ممن عرف الحال إلى الغار فرأوهم هلكى فعادوا يصيحون أن صالحا أمرهم بقتل أولادهم ثم قتلهم ، وقيل : إنما كان تقاسم التسعة على قتل صالح بعد عقر الناقة وإنذار صالح إياهم بالعذاب ، وذلك أن التسعة الذين عقروا الناقة قالوا : تعالوا فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلنا قتله ، وإن كان كاذبا ألحقناه بالناقة ، فأتوه ليلا في أهله فدفعتهم (٣) الملائكة بالحجارة فهلكوا ، فأتى أصحابهم فرأوهم هلكى فقالوا لصالح : أنت قتلتهم فأرادوا قتله فمنعهم عشيرته وقالوا : إنه قدوعدكم العذاب فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم غضبا ، وإن كان كاذبا فنحن نسلمه إليكم ، فعادوا عنه. فعلى القول الاول يكون التسعة الذين تقاسموا غير الذين عقروا الناقة ، والثاني أصح انتهى. (٤)
ـــــــــــــــ
(١) في القاموس : أصهب ـ محركة ـ : حمرة أو شقره في الشعر. منه قدس الله روحه. قلت : الصحيح كما في القاموس : الصهب ، والظاهر انه تصحيف من النساخ.
(٢) في المصدر : لا يبيت. م
(٣) « « : فدمغتهم. م
(٤) كامل التواريخ ١ : ٣٦. م