وأما قوله : « لم تسعجلون بالسيئه قبل الحسنة » فإنهم سألون قبل أن تأتيهم الناقة أن يأتيهم بعذاب أليم ، (١) فقال : « يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة » يقول : بالعذاب قبل الرحمة. قول : « اطيرنابك وبمن معك » فإنهم أصابهم جوع شديد فقالوا : هذا من شؤمك وشؤم من معك أصابنا هذا وهي الطيرة (٢) « قال إنما طائركم عندالله » يقول خيركم وشركم من عندالله « بل أنتم قوم تفتنون » أي تبتلون. (٣) قوله : « وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون » كانوا يعملون في الارض بالمعاصي. قوله : « تقاسموا بالله » أي تحالفوا « لنبيتنه وأهله ثم لنقولن » لنحلفن « لوليه » منهم « ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون » يقول : لنفعل فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه وعند صالح ملائكة يحرسونه فلما أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة فأصبحوا في داره مقتلين ، وأخذت قومه الرجفة (٤) فأصبحوا في ديارهم جاثمين. (٥)
بيان : قال البيضاوي في قوله تعالى : « وإنا لصادقون » ونحلف إنا لصادقون فيما ذكر ، لان الشاهد للشئ غير المباشر له عرفا ، أو لانا ما شهدنا مهلكهم وحده بل مهلكه ومهلكهم كقولك : ما رأيت ثم رجلا رجلين انتهى. (٦)
أقول : الظاهر أن المراد بقوله : يقول : لنفعلن أنهم أرادوا بقولهم : « إنا لصادقون » إنا عازمون على هذا الامر وصادقون في إظهار هذه الارادة على الحتم ، وهذا تأويل آخر غير ما ذكر من الوجهين.
قال صاحب الكامل : أوحى الله إلى صالح أن قومك سيعقرون الناقة ، فقال لهم : ذلك فقالوا : ما كنا لنفعل ، قال : إن لا تعقروها أنتم يوشك أن يولد منكم (٧) مولود
ـــــــــــــــ
(١) في نسخة بعد ذلك : وأرادوا بذلك امتحانهم.
(٢) في المصدر : هذا القحط وهى الطيرة. م
(٣) في نسخة : يقول تبتلون.
(٤) في نسخة : وصبحت قومه الرجفة.
(٥) تفسير القمى : ٤٨١. م
(٦) انوار التنزيل ٢ : ٧٨. م
(٧) في المصدر : فيكم. م