هيبته : كان عظيما مهيبا في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى ، مع أنه كان بالتواضع موصوفا ، وكان محبوبا في القلوب حتى لا يقليه (١) مصاحب ، ولا يتباعد عنه مقارب ، قال السدي في قوله : « سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب (٢) » : لما ارتحل أبوسفيان و المشركون يوم احد متوجهين إلى مكة قالوا : ما صنعنا قتلناهم حتى لم يبق منهم إلا الشريد (٣) تركناهم ، إذ هموا وقالوا : ارجعوا فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا.
وروي أن الكفار دخلوا مكة كالمنهزمين مخافة أن يكون له الكرة عليهم ، وقال صلىاللهعليهوآله : نصرت بالرعب مسيرة شهر.
قوله تعالى : « وكف أيدي الناس عنكم (٤) » وذلك أن النبي صلىاللهعليهوآله لما قصد خيبر وحاصر أهلها همت قبائل من أسد وغطفان أن يغيروا (٥) على أهل المدينة ، فكف الله عنهم بإلقاء الرعب في قلوبهم.
قوله تعالى : « هو الذي أيدك بنصره (٦) » وقال صلىاللهعليهوآله : لم نخل في ظفر (٧) إما في ابتداء الامر وإنما في انتهائه ، وكان جميل بن معمر الفهري حفيظا لما يسمع ، ويقول : إن في جوفي لقلبين أعقل بكل (٨) واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فكانت قريش تسميه ذا القلبين ، فتلقاه أبوسفيان يوم بدر وهو آخذ بيده إحدى نعليه ، والاخرى في رجله ، فقال له : يابا معمر ما الخبر؟ قال : انهزموا ، قال : فما حال نعليك؟ قال : ما شعرت إلا أنها في رجلي لهيبة محمد ، فنزل : « ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه (٩) ».
____________________
(١) أى لا يبغضه.
(٢) آل عمران : ١٥١.
(٣) الشريد : الطريد.
(٤) الفتح : ٢٠.
(٥) أغار عليهم : هجم وأوقع بهم.
(٦) الانفال : ٦٢.
(٧) من ظفر ظ.
(٨) في المصدر : لكل واحد.
(٩) الاحزاب : ٤.