ثم قال : فأرسلت خديجة إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها ، فحضر ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوآله في عمومته فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة.
وقد روى قوم أنه زوجها أبوها في حال سكره (١).
قال الواقدي : هذا غلط ، والصحيح أن عمها زوجها ، وأن أباها مات قبل الفجار.
وذكر أن أبا طالب خطب يومئذ ، وذكر ما مر ، فلما أتم أبوطالب خطبته تكلم ورقة بن نوفل ، فقال » : الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله ، لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم ، وقد رغبنا بالاتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا علي معاشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله على أربعمأة دينار ، ثم سكت ورقة ، وتكلم أبوطالب وقال : قد أحببت أن يشركك عمها ، فقال عمها ، اشهدوا علي يا معشر قريش إني قد أنكحت محمد بن عبدالله خديجة بنت خويلد ، وشهد علي بذلك صناديد قريش ، فأمرت خديجة جواريها أن يرقصن ويضربن بالدفوف ، وقالت : يا محمد مر عمك أبا طالب ينحر بكرة من بكراتك ، وأطعم الناس على الباب ، وهلم فقل (٢) مع
____________________
(١) ذكره الطبري في تاريخه ٢ ، ٣٦ عن الواقدى ، وروى اليعقوبى في تاريخه ٢ : ١٤ و ١٥ ذلك عن عمار بن ياسر في عمه عمرو بن أسد ، إلا أنه قال فلما أصبح عمها عمرو بن أسد أنكر ما رأى فقيل له : هذا ، فقال : متى زوجته؟ قيل له : بالامس ، قال : ما فعلت ، قيل له : بلى نشهد أنك قد فعلت ، فلما رأى عمرو رسول الله قال : اشهدوا أنى لم أكن زوجته بالامس ، فقد زوجته اليوم اه. قلت : فيهما غرابة وشذوذ ، ولم يرد ذلك من طرق الامامية. بل ورد من طرق لا يعتمد عليها الامامية ، وقد عرفت قبل ذلك في رواية الكلينى أن خديجة لما رأت أن عمها تلجلج وقصر عن الجواب قالت : يا عم لست أولى من نفسى ، قد زوجتك يا محمد نفسى ، وان ثبت في حديث صحيح أن غيرها كان المزوج لها فلا ينافى ذلك بل يجمع بوقوع العقد منهما جميعا ، كما يأتى نظير ذلك في عقد ورقة بن نوفل.
(٢) من قال يقيل قيلولة : نام في القائلة أى منتصف النهار.