نجاحا ، فلعلك رأيت شيئا في منامك ، قالت : رأيت رجلا صفته كذا وكذا ، فعندها قال ورقة : يا خديجة إن صدقت رؤياك تسعدين وترشدين ، فإن الذي رأيته متوج بتاج الكرامة ، الشفيع في العصاة يوم القيامة ، سيد العرب والعجم ، محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب ابن هاشم ، قالت : وكيف لي بما تقول يا عم وأنا كما يقول الشاعر :
أسير إليكم قاصدا لازوركم |
|
وقد قصرت بي عند ذاك رواحلي |
وملك الاماني خدعة غير أنني |
|
اعلل حد الحادثات بباطل |
احمل برق الشرق شوقا إليكم |
|
وأسأل ريح الغرب رد رسائلي |
قال : فزاد بها الوجد ، وكانت إذا خلت بنفسها فاضت عبرتها أسفا ، وجرت دمعتها لهفا ، وهي تقول :
كم أستر الوجد والاجفان تهتكه |
|
واطلق الشوق والاغضاء (١) تمسكه |
جفاني القلب لما أن تملكه |
|
غيري فوا أسفا لو كنت أملكه |
ما ضر من لم يدع مني سوى رمقي |
|
لو كان يمسح بالباقي فيتركه |
قال الراوي : وأعجب ما رأيت في هذا الامر العجيب والحديث الغريب أن خديجة لم تفرغ من شعرها إلا وقد طرق الباب ، فقالت لجاريتها : انزلي وانظري من بالباب ، لعل هذا خبر من الاحباب ، ثم أنشأ يقول :
أيا ريح الجنوب لعل علم |
|
من الاحباب يطفى بعض حري |
ولم لا حملوك إلي منهم |
|
سلاما أشتريه ولو بعمري |
وحق ودادهم إني كتوم |
|
وإني لا أبوح لهم بسري |
أراني الله وصلهم قريبا |
|
وكم يسر أتى من بعد عسر |
فيوم من فراقكم كشهر |
|
وشهر من وصالكم كدهر. |
قال : ثم نزلت الجارية وإذا أولاد عبدالمطلب بالباب ، فرجعت إلى خديجة و قالت : يا سيدتي إن بالباب سادات العرب ، ذوي (٢) المعالي والرتب ، أولاد عبدالمطلب ،
____________________
(١) الاعضاء خ ل.
(٢) من ذوي المعالى خ ل.