أودعوني في أموالهم ، فقال : يا مولاي تصدق علينا بالمسير ، إن عدم لهم عقال علي ببعير ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : سر ، وسار معهم إلى ديرهم ، وكان له بابان : واحد كبير ، والآخر صغير ، وقد وضعوا بحيال الباب الصغير كنيسة فيها تصاوير وتماثيل ، فاذا دخل الرجل من الباب الصغير ينحني برأسه ، وذلك برسم السجود للتصاوير في الكنيسة ، فخطر في نفسه أنه يدخل النبي صلىاللهعليهوآله من الباب الصغير ليتلذذ بمعاجزه (١) وغرائب كراماته ، فلما دخل الراهب أمامه داخله الفزع من النبي صلىاللهعليهوآله فلما دخل النبي صلىاللهعليهوآله من الباب القصير أمر الله تعالى عضادتي الباب أن ترتفع ، فارتفع الباب حتى دخل النبي صلىاللهعليهوآله منتصب القامة ، فلما أشرف على القوم قاموا له إجلالا ، وأجلسوه في أوساطهم على أعلى مكان ، ووقف الراهب بين يديه ، والرهبان حوله ، فقدموا بين يديه طرائف الشام (٢) ، ثم رمق الراهب بطرفه إلى السمآء فقال : إلهي وسيدي ومولاي أرني خاتم النبوة ، فأرسل الله عزوجل جبرئيل ورفع ثيابه عن ظهره ، فبان خاتم النبوة بين كتفيه ، فسطع منه نور ساطع ، فلما رآه الراهب خر ساجدا هيبة من ذلك النور ، ثم رفع رأسه وقال : هو أنت حقا ، ثم إن حمزة أنشأ يقول :
أنت المظلل بالغمام وقد رأى |
|
الرهبان أنك ذاك وانكشف الخبر |
ربيت في بحبوح (٣) مكة بعد ما (٤) |
|
وضع الخليل وفاق فخرك من فخر |
ورضعت في سعد لثدي حليمة |
|
كرما ففاض الثدي نحوك وانحدر |
قال : فشكره النبي صلىاللهعليهوآله وتفرق القوم إلى رحالهم ، وقد كمد أبوجهل غيظا ، وبقي ميسرة والراهب مع النبي صلىاللهعليهوآله فقال الراهب : يا سيدي أبشر ، فإن الله يوطئ لك رقاب
____________________
(١) بمعجزاته خ ل وفي المصدر : لسدد معجزاته ، ويشهدون غرائب كراماته اه قلت : لعله مصحف يسددون بمعجزاته.
(٢) في المصدر : والرهبان حواليه ، ومدحوه بأفصح لسان ، وأوعدوه بالاجلال والاكرام ، وقدموا بين يديه من ظرائف الشام.
(٣) بحبوحة مكة : وسطها.
(٤) حيث ما خ ل.