وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه بعد نقل هذا الخبر وخبر ابن سنان : وربما يظن تطرق الضعف إليهما لتضمنهما لما يوهم القدح في العصمة ، لكن قال شيخنا في الذكرى أنه لم يطلع على راد لهما من هذه الجهة ، وهو يعطي تجويز الاصحاب صدور ذلك و أمثاله عن المعصوم ، وللنظر فيه مجال واسع انتهى.
تبيين : اعلم بعدما أحطت خبرا بما أسلفناه من الاخبار والاقوال أنا قد قدمنا القول في عصمة الانبياء صلوات الله عليهم في كتاب النبوة ، وذكرت هناك أن أصحابنا الامامية أجمعوا على عصمة الانبياء والائمة صلوات الله عليهم من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمدا وخطأ ونسيانا قبل النبوة والامامة وبعدهما : بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله سبحانه ، ولم يخالف فيه إلا الصدوق محمد بن بابويه وشيخه ابن الوليد قدس الله روحهما فجوزا الاسهاء من الله تعالى ، لا السهو الذي يكون من الشيطان ، ولعل خروجهما لا يخل بالاجماع ، لكونهما معروفي النسب ، وأما السهو في غير ما يتعلق بالواجبات و المحرمات كالمباحات والمكروهات فظاهر أكثر أصحابنا أيضا الاجماع على عدم صدوره عنهم ، ويدل على جملة ذلك كونه سببا لتنفير الخلق منهم ، ولما عرفت من بعض الآيات والاخبار في ذلك ، لاسيما في أقوالهم عليهمالسلام لقوله تعالى : « وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى (١) » وقوله تعالى : « إن أتبع إلا ما يوحى إلي (٢) » ولعموم ما دل على التأسي بهم (ع) في جميع أقوالهم وأفعالهم ، وما ورد في وجوب متابعتهم ، وفي الخبر المشهور عن الرضا(ع) في وصف الامام « فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن من الخطاء والزلل والعثار » وسيأتي في تفسير النعماني في كتاب القرآن بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، عن الصادق (ع) ، عن أمير المؤمنين (ع) في بيان صفات الامام قال : فمنها أن يعلم الامام المتولي عليه أنه معصوم من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ، لا
___________________
(١) النجم : ٣ و ٤.
(٢) الانعام : ٥٠.