ظاهرا ، وأما النسيان فأخبر (ص) عن اعتقاده وأنه لم ينس في ظنه ، فكأنه قصد بهذا الخبر عن ظنه.
ومنها : أن قوله : « لم أنس » راجع إلى السلم ، أي أني سلمت قصدا ، وسهوت عن العدد.
ومنها : أن المراد لم يجتمع القصر والنسيان ، بل كان أحدهما ، ومفهوم اللفظ خلافه.
ومنها : أن المراد ما نسيت ولكن انسيت كما ورد في الحديث : لست أنسي ولكن انسي.
ومنها : أنه نفى النسيان وهو غفلة وآفة ، ولكنه سها ، والسهو إنما هو شغل بال (١).
وأما ما يتعلق بالجوارح من الاعمال فأجمع المسلمون على عصمة الانبياء عليهمالسلام من الفواحش والكبائر الموبقات ، وأما الصغائر فجوزها جماعة من السلف وغيرهم على الانبياء ، وذهب طائفة اخرى إلى الوقف ، وذهب طائفة اخرى من المحققين (٢) من الفقهاء والمتكلمين إلى عصمتهم من الصغائر أيضا ، وقال بعض أئمتنا : ولا يجب على القولين أن يختلف أنهم معصومون عن تكرار الصغائر وكثرتها ، إذ يلحقها ذلك بالكبائر ، ولا في صغيرة أدت إلى إزالة الحشمة ، وأسقطت المروءة وأوجبت الازراء والخساسة ، فهذا أيضا مما يعصم عنه الانبياء إجماعا ، وقد ذهب بعضهم إلى عصمتهم من مواقعة المكروه قصدا (٣).
وقد اختلف في عصمتهم من المعاصي قبل النبوة فمنعها قوم (٤) ، وجوزها آخرون ، والصحيح تنزيههم من كل عيب ، وعصمتهم من كل ما يوجب الريب (٥).
ثم قال : هذا حكم ما يكون المخالفة فيه من الاعمال عن قصد ، وما يكون بغير قصد وتعمد كالسهو والنسيان في الوظائف الشرعية فأحوال الانبياء عليهمالسلام في ترك المؤاخذة به
___________________
(١) شرح الشفاء ٢ : ٢٤٥ ـ ٢٥٠.
(٢) وذهبت الطائفة الامامية إلى ذلك.
(٣) شرح الشفاء ٢ : ٢٥٦ ـ ٢٥٩.
(٤) والشيعة الامامية قائلون بعصمتهم عنها أيضا.
(٥) شرح الشفاء ٢ : ٢٦٤.