ولا يتصل فينسب إلى أنه مغفل أن ذلك غير ممتنع انتهى كلامه رحمهالله (١).
ويظهر منه عدم انعقاد الاجماع من الشيعة على نفي مطلق السهو عن الانبياء (ع) وبعد ذلك كله فلا معدل عما عليه المعظم لوثاقة دلائلهم ، وكونه أنسب بعلو شأن الحجج عليهمالسلام ، ورفعة منازلهم ، وأما أحاديث النوم عن الصلاة فقد روتها العامة أيضا بطرق كثيرة ، كما رواه في شرح السنة بإسناده عن سعيد بن المسيب أن رسول الله (ص) حين قفل (٢) خيبر أسرى (٣) حتى إذا كان من آخر الليل عرس (٤) ، وقال لبلال : اكلا لنا الصبح ، ونام رسول الله (ص) وأصحابه وكلا بلال ما قدر له ، ثم استند إلى راحلته وهو مقابل الفجر ، فغلبته عيناه فلم يستيقظ رسول الله (ص) ولا بلال ولا أحد من الركب حتى ضربتهم الشمس ، ففزع رسول الله (ص) فقال : يابلال ، فقال بلال : يارسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك ، فقال رسول الله : اقتادوا ، فبعثوا رواحلهم فاقتادوا شيئا ، ثم أمر رسول الله (ص) بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح ، ثم قال حين قضى الصلاة : من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ، فإن الله يقول : أقم الصلاة لذكري (٥).
ورواه بأسانيد اخرى بتغيير ما.
أقول : ولم أر من قدماء الاصحاب من تعرض لردها إلا شرذمة من المتأخرين ظنوا أنه ينافي العصمة التي ادعوها ، وظني أن ما ادعوه لا ينافي هذا ، إذ الظاهر أن مرادهم العصمة في حال التكليف والتمييز والقدرة وإن كان سهوا ، وإن كان قبل النبوة و الامامة ، وإلا فظاهر أنهم (ع) كانوا لا يأتون بالصلاة والصوم وسائر العبادات في حال رضاعهم ، مع أن ترك بعضها من الكبائر ، ولذا قال المفيد رحمهالله فيما نقلنا عنه : منذ أكمل الله عقولهم ، وهذا لا ينافي الاخبار الواردة بأنهم (ع) كانوا من الكاملين في عالم الذر ، و يتكلمون في بطون امهاتهم وعند ولادتهم ، لان الله تعالى مع أنه أكمل أرواحهم في عالم
___________________
(١) تنزيه الانبياء : ٨٤.
(٢) قفل : رجع من السفر.
(٣) أسرى : سار ليلا.
(٤) عرس القوم : نزلوا من السفر للاستراحة ثم يرتحلون.
(٥) طه ١٤.