وعلي عليهالسلام ، وذلك أن شيخا كبيرا جاء بابنه إلى رسول الله (ص) ، والشيخ يبكي ويقول : يارسول الله ابني هذا غذوته صغيرا ، ومنته (١) طفلا عزيزا ، وأعنته (٢) بما لي كثيرا حتى اشتد أزره (٣) ، وقوي ظهره ، وكثر ماله ، وفنيت قوتي ، وذهب مالى عليه ، وصرت من الضعف إلى ما ترى (٤) فلا يواسينى بالقوت الممسك لرمقي ، فقال رسول الله (ص) للشاب : ماذا تقول؟ قال : يارسول الله لا فضل معي عن قوتي وقوت عيالي ، فقال رسول الله (ص) للوالد : ما تقول؟ فقال : يارسول الله إن له أنابير (٥) حنطة وشعير وتمر وزبيب ، وبدر (٦) الدراهم والدنانير وهو غني ، فقال رسول الله (ص) للابن : ما تقول ، قال الابن : يارسول الله مالي شئ مما قال : قال رسول الله (ص) : اتق الله يافتى ، وأحسن إلى والدك المحسن إليك يحسن الله إليك ، قال : لا شئ لي ، قال رسول الله (ص) : فنحن نعطيه عنك في هذا الشهر ، فأعطه أنت فيما بعده ، وقال لاسامة : أعط الشيخ مأة درهم نفقة لشهره لنفسه وعياله ، ففعل ، فلما كان رأس الشهر جاء الشيخ والغلام وقال الغلام : لا شئ لي ، فقال رسول الله (ص) ، لك مال كثير ، ولكنك اليوم تمسي وأنت فقير وقير (٧) ، أفقر من أبيك هذا لا شئ لك ، فانصرف الشاب فإذا جيران أنابيره قد اجتمعوا عليه يقولون : حول هذه الانابير عنا ، فجاء إلى أنابيره وإذا الحنطة والشعير والتمر والزبيب قد نتن جميعه ، وفسد وهلك ، وأخذوه بتحويل ذلك عن جوارهم ، فاكترى اجراء بأموال كثيرة فحولوه وأخرجوه بعيدا عن المدينة ، ثم ذهب يخرج إليهم الكرى من أكياسه التي فيها دراهمه ودنانيره فإذا هي قد طمست ومسخت حجارة ، وأخذه الحمالون بالاجرة فباع ما كان له من كسوة وفرش و
___________________
(١) ربيته خ ل : وفى المصدر : صنته ، وفى النسختين المطبوعتين : مننته من من فلانا : بلغ ممنونه وهو أقصى ما عنده.
(٢) في نسخة من المصدر : وأغنيته.
(٣) الازر : الظهر.
(٤) إلى ما قعد بى خ ل ، وفى المصدر : وصرت من الضعيف إلى ما ترى ، فعدل بى فلا يواسينى (٥) الانابير جمع الانبار : بيت التاجر الذى تنضد فيه الغلال والمتاع.
(٦) البدر : جمع البدرة : الكيس الموضوعة فيه الدراهم والدنانير. كمية عظيمة من المال. عشرة آلاف درهم.
(٧) وتصير خ ل.