كما من علي بك ، فبعثني وقال : عليك بالرفق ، والقول السديد ، ولاتك فظا غليظا ، ولا مستكبرا ولا حسودا ، فأتيت قومي فقلت : با بني رفاعة بل يا معشر جهينة (١) إن الله واله الحمد قد جعلكم خيار من أنتم منه ، وبغض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم من العرب ، الذين كانوا يجمعون بين الاختين ، ويخلف الرجل منهم على امرأة أبيه ، وإغارة في الشهر الحرام ، فأجيبوا هذا الذي من لوي تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة وسارعوا في أمره يكن بذلك لكم عنده فضيلة ، قال : فأجابوني إلا رجل منهم فإنه قام فقال : يا عمرو بن مرة أمر الله عيشك ، أتأمرنا برفض آلهتنا ، وتفريق جماعتنا ، ومخالفة دين آبائنا ، ومن مضى من أوائلنا إلى ما يدعوك إليه هذا المضري من تهامة ، لا ولا حبا ولا كرامة ، ثم أنشأ يقول :
*(شعر)*
إن ابن مرة قد أتى بمقالة |
|
ليست مقالة من يريد صلاحا |
إني لاحسب قوله وفعاله |
|
يوما وإن طال الزمان ذباحا |
يسفه الاحلام (٢) ممن قد مضى |
|
من رام ذلك لا أصاب فلاحا |
فقال له عمرو : الكذاب مني ومنك أمر الله عيشه ، وأبكم لسانه ، وأكمه إنسانه (٣) قال عمرو : فو الله لقد عمي ، ومامات حتى سقط فوه ، وكان لا يقدر على الكلام ، ولا يبصر شيئا وافتقروا احتاج (٤).
بيان : في النهاية : النص : التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة ، وفي القاموس القوز : المستدير من الرمل ، والكثيب المشرف ، وقال : الوعث : المكان السهل الدهش تغيب فيه الاقدام ، والطريق العسر ، وقال : الدكداك من الرمل : ما يكبس ، أو ما التبد منه بالارض أو هي أرض فيها غلظ والجمع دكادك. وقال الجوهري : الحباك والحبيكة :
__________________
(١) في المصدر : يا معشر جهينة أنا رسول الله إليكم ، أدعوكم إلى الجنة وأحذركم من النار ، يا معشر جهينة اه. أقول : فيه سقط ، والصحيح : أنا رسول رسول الله إليكم.
(٢) في المصدر : أتسفه الاشياخ ممن قد مضى * من رام ذلك لا أصاب فلاحا.
(٣) أى عينه.
(٤) كنز الكراجكى : ٩٢ ـ ٩٤.