حتى دخل ، فجعل يقع على منكب النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال الملك : أتحبه؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآله : نعم ، قال : فإن امتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ، قال : فضرب يده فأراه ترابا أحمر ، فأخذته ام سلمة فصيرته في طرف ثوبها ، فكنا نسمع أن يقتل بكربلا.
ومن ذلك إخباره بمصارع أهل بيته صلىاللهعليهوآله : روى الحاكم أبوعبدالله الحافظ بإسناده عن سيد العابدين علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده قال : زارنا رسول الله صلىاللهعليهوآله فعملنا له خزيرة وأهدت إليه ام أيمن قعبا (١) من زبد وصحفة من تمر ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأكلنا معه ثم وضأت (٢) رسول الله صلىاللهعليهوآله فمسح رأسه ووجهه بيده ، واستقبل القبلة فدعا الله ما شاء ، ثم أكب إلى الارض بدموع غزيرة مثل المطر ، فهبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أن نسأله ، فوثب الحسين عليهالسلام فأكب على رسول الله (ص) فقال : يا أبه رأيتك تصنع مالم تصنع مثله قط ، قال : يا بني سررت بكم اليوم سرورا لم أسر بكم مثله ، وإن حبيبي جبرئيل أتاني وأخبرني أنكم قتلى ومصارعكم شتى ، وأحزنني ذلك ، فدعوت الله لكم بالخيرة ، فقال الحسين عليهالسلام : فمن يزورنا على تشتتنا وتبعد قبورنا؟ فقال رسول الله (ص) طائفة من امتي يريدون به بري وصلتي ، إذا كان يوم القيامة زرتها بالموقف ، وأخذت بأعضادها فأنجيتها من أهواله وشدائده.
ومن ذلك إخباره عن قتلى أهل الحرة ، فكان كما أخبر : روي عن أيوب بن بشير قال : خرج رسول الله (ص) في سفر من أسفاره ، فلما مر بحرة ، زهرة ، وقف فاسترجع فساء ذلك من معه وظنوا أن ذلك من أمر سفرهم ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ما الذي رأيت؟ فقال رسول الله : أما إن ذلك ليس من سفركم ، قالوا : فما هو يا رسول الله؟ قال : يقتل بهذه الحرة خيار امتي بعد أصحابي ، قال أنس بن مالك : قتل يوم الحرة سبع مأة رجل من حملة القرآن فيهم ثلاثة من أصحاب النبي (ص) ، وكان الحسن يقول : لما كان يوم الحرة قتل أهل المدينة حتى كاد لا ينفلت أحد ، وكان فيمن قتل ابنا زينب ربيبة
__________________
(١) القعب : القدح الضخم الغليظ. وفي المصدر : وأهدت له أم ايمن قعبا من ثريد.
(٢) في المصدر : توضأ.