ليعطوا (١) من بيت مال المسلمين في كل سنة مأتي حلة ، ومن الاواقي مأة ، فقد استحق سلمان ذلك من رسول الله ، ثم دعا لمن عمل به ، ودعا على من أذاهم ، وكتب علي بن أبي طالب ، والكتاب إلى اليوم في أيديهم ويعمل القوم برسم النبي صلىاللهعليهوآله ، فلولا ثقته بأن دينه يطبق الارض لكان كتبة هذا السجل مستحيلا.
وكتب نحوه لاهل تميم الداري :
من محمد رسول الله للداريين ، إذا أعطاه الله الارض وهبت لهم بيت عين وصرين (٢) وبيت إبراهيم.
وكتب صلىاللهعليهوآله للعباس الحيرة من الكوفة ، والميدان من الشام ، والخط من هجر ، ومسيرة ثلاثة أيام من أرض اليمن ، فلما افتتح ذلك أتى به إلى عمر فقال : هذا مال كثير القصة.
ومن العجائب الموجودة تدبيره صلىاللهعليهوآله أمر دينه بأشياء قبل حاجته إليها ، مثل وضعه
__________________
(١) في المحكى المذكور : ولهم أن يعطوا من بيت المال في كل سنة مأة حلة في شهر رجب ، ومأة في الاضحية فقد استحق سلمان ذلك منا ، ولان فضل سلمان على كثير من المؤمنين ، وانزل في الوحى أن الجنة إلى سلمان أشوق من سلمان إلى الجنة وهو ثقتى وامينى وتقى ونقى وناصح لرسول الله والمؤمنين ، وسلمان منا أهل البيت ، فلا يخالفن أحد هذه الوصية فيما أمرت به من الحفظ والبر لاهل بيت سلمان وذراريهم من أسلم منهم وأقام على دينه ، ومن خالف هذه الوصية فقد خالف لوصية الله ورسوله ، وعليه لعنة الله إلى يوم الدين ، ومن أكرمهم فقد أكرمنى وله عند الله الثواب ، ومن آذاهم فقد آذانى وأنا خصمه يوم القيامة ، جزاؤه نار جهنم وبرئت منه ذمتى والسلام عليكم. وكتب على بن أبى طالب بأمر رسول الله في رجب سنة تسع من الهجرة ، وشهد على ذلك سلمان وأبوذر وعمار وبلال والمقداد وجماعة اخرى من المؤمنين. انتهى.
أقول : ما ذكر في العهد من التاريخ الهجرى يخالف ما اشتهر من أن ذلك التاريخ حدث في زمان خلافة عمر بمشورة على عليهالسلام وسائر الصحابة ، وذكر بعض أفاضل علمائنا أن النبى صلى الله عليه وآله كان عالما بفتح بلاد فارس بعد وفاته ، كذلك الوصى كان عالما بما يحدث في خلافة الثانى من جعل مبدء التاريخ في الاسلام هجرة النبى صلىاللهعليهوآله فأرخه بها لانه ما كان ينتفع به الا بعد الفتح ، ففيه معجزة لهما صلوات الله عليهما. بل يمكن الاستدلال بهذا على ان اول من وضع التاريخ الهجرية وارخ بذلك كان على بن ابيطالب عليهالسلام.
(٢) هكذا في نسخة المصنف ، وفى المصدر ، وهب لهم بين عين وحيرين.