بما أسفلنا من الاخبار في هذا الباب ، وأبواب أحوال الانبياء عليهمالسلام وما سنذكره بعد ذلك في كتاب الامامة ، ولنذكر بعض الوجوه لزيادة الاطمينان على وجه الاجمال :
الاول أن ما ذكرنا من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام من خطبته القاصعة المشهورة بين العامة والخاصة يدل على أنه صلىاللهعليهوآله من لدن كان فطيما كان مؤيدا بأعظم ملك يعلمه مكارم الاخلاق ، ومحاسن الآداب ، وليس هذا إلا معنى النبوة كما عرفت في الاخبار الواردة في معنى النبوة ، وهذا الخبر مؤيد بأخبار كثيرة سبقت في الابواب السابقة في باب منشإه صلىاللهعليهوآله ، وباب تزويج خديجة وغيرها من الابواب.
الثاني : الاخبار المستفيضة الدالة على أنهم عليهمالسلام مؤيدون بروح القدس من بدء حالهم بنحو مامر من التقرير.
الثالث : صحيحة الاحول وغيرها حيث قال : « نحو ما كان رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل من عند الله بالرسالة (١) » فدلت على أنه صلىاللهعليهوآله كان نبيا قبل الرسالة ، ويؤيده الخبر المشهور عنه صلىاللهعليهوآله : «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» أو «بين الروح والجسد» ويؤيده أيضا الاخبار الكثيرة الدالة على أن الله تعالى اتخذ إبراهيم عليهالسلام عبدا قبل أن يتخذه نبيا ، وأن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا ، وأن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا ، وأن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله (٢) إماما.
الرابع : ما رواه الكليني في الصحيح عن يزيد الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام أكان عيسى بن مريم حين تكلم في المهد حجة لله على أهله زمانه؟ فقال : كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل أما تسمع لقوله حين قال : « إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا» (٣) قلت : فكان يومئذ حجة الله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال : كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها (٤) وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك
__________________
(١) تقدم الخبر تحت رقم ٢٧ ص ٢٦٦.
(٢) تقدم الخبر في بابه ج ١٢ ص ١٢.
(٣) مريم : ٣١.
(٤) * أى تكلم عن مريم حين سكتت وأشارت إلى ابنها.