أحدهما أنه يلزم أن يكونوا أفضل منه كما مر تقريره.
وثانيهما : ما مر من نفي كونه محجوجا بأبي طالب وبابى (١) ، بل كانا مستودعين للوصايا.
السادس : أنه لا شك في أنه صلىاللهعليهوآله كان يعبد الله قبل بعثته بما لا يعلم إلا بالشرع كالطواف والحج وغيرهما كماسيأتي أنه صلىاللهعليهوآله حج عشرين حجة مستسرا (٢) وقد ورد في أخبار كثيرة أنه صلىاللهعليهوآله كان يطوف وأنه كان يعبد الله في حراء ، وأنه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الاكل وغيره (٣) ، وكيف يجوز ذومسكة من العقل على الله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة؟ والمكابرة في ذلك سفسطة ، فلا يخلو إما أن يكون عاملا بشريعة مختصة به أوحى الله إليه ، وهو المطلوب ، أو عاملا بشريعة غيره وهو لايخلو من وجوه :
الاول : أن يكون علم وجوب عمله بشريعة غيره ، وكيفية الشريعة من الوحي وهو المطلوب أيضا ، لانه صلىاللهعليهوآله حينئذ يكون عاملا بشريعة نفسه ، موافقا لشريعة من تقدمه كما مر تقريره في كلام السيد رحمهالله.
الثانى : أن يكون علمهما جميعا من شريعة غيره ، وهو باطل عرفت بوجهين :
أحدهما : أنه يلزم كون من يعمل بشريعته أفضل منه.
وثانيهما : أنه معلوم أنه صلىاللهعليهوآله لم يراجع في شئ من الامور إلى غيره ، ولم يخالط أهل الكتاب ، وكان هذا من معجزاته صلىاللهعليهوآله ، أنه أتى بالقصص مع أنه لم يخالط العلماء ولم يتعلم منهم : كمامر في وجوه إعجاز القرآن ، وقد قال تعالى : « هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم (٤) » والمكابرة في هذا أيضا مما لا يأتي به عاقل.
__________________
(١) راجع ج ١٧ ص : ١٤٠ وج ٣٥ ص : ٧٣.
(٢) وفى خبر غياث بن ابراهيم عن الصادق عليهالسلام : لم يحج النبى بعد قدوم المدينة الا واحدة ، وقد حج بمكة مع قومه حجات. وفى خبر عبدالله بن أبى يعفور عن أبى عبدالله عليهالسلام أنه صلىاللهعليهوآله حج عشر حجات مستسرا وفى خبر عمر بن يزيد عنه عليهالسلام حج رسول الله صلىاللهعليهوآله غير حجة الوداع عشرين حجة. وغير ذلك مما أوردها الشيخ الحر العاملى في كتاب وسائل الشيعة : باب استحباب تكرار الحج والعمرة راجع.
(٣) تقدمت أخبار في ذلك قبلا راجع ج ١٦.
(٤) الجمعة : ٢.