أهلي (١) ، وإذا ترابها كالمسك ، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة ، فقلت : لمن أنت يا جارية؟ فقالت : لزيد بن حارثة ، فبشرته بها حين أصبحت ، وإذا بطيرها كالبخت ، وإذا رمانها مثل دلي العظام ، وإذا شجرة لو ارسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة سنة ، وليس في الجنة منزل إلا وفيهاقتر (٢) منها ، فقلت : ماهذه ياجبرئيل؟ فقال هذه شجرة طوبى قال الله : « طوبى لهم وحسن مآب (٣) » قال رسول الله (ص) : فلما دخلت الجنة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار وهولها وأعاجيبها ، فقال : هي سرادقات الحجب التي احتجب الله تبارك وتعالى بها ، ولو لا تلك الحجب لتهتك نور العرش (٤) وكل شئ فيه (٥) ، وانتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظل امة من الامم ، فكنت منها
__________________
(١) في المصدر : وبيوت أزواجى.
(٢) في المصدر : غصن منها.
(٣) الرعد : ٢٩.
(٤) في نسخة امين الضرب : لتهتك عن نور العرش.
(٥) في الحديث كما ترى أسرار لم يطلع عليها أحد إلى الان ، ولم يكشف عنها العلوم غطاءها إلى حينذاك ، كقوله : سرادقات الحجب ، وهتك النور ، وغيرهما ، ولعل الله ادخر علم تلك الاسرار الكونية التى أفاض علمها إلى أئمتنا عليهمالسلام لجيل يأتى يوما ينقر العلوم يقرا؟ ، يتصفح عن الحقائق الكامنة في جو العالم والكرات الواقعة في الفضاء اللايتناهى تصفحا ، والاسف أن المسلمين مع تصلبهم في العمل ، ونشاطهم في الامور ، وتنقيرهم عن الاسرار في زمنهم الاول أصبحوا كسالى خاملين معطلين ، طائفة منهم رسخت فيهم العطالة والبطالة ، ومالوا إلى العزلة ، ودعوا المجتمع إليها ، راجحين للانفراد على المدينة والحضارة مقلدين من كان قبلهم من أصحاب الاديار والكهوف والغيران ، وصنف منهم عكفوا إلى جمع الدرهم والدينار ، وانحازوا إلى الاشروا لبطر والترف ، وأراحوا انفسهم عن كد تحصيل العلوم ، وتصفح الاسرار الكونية وما أودع الله علمه في كمون ذلك العالم ، ولحبهم الفسوق نسوا أنفسهم فأنساهم الله ما أعد فيهم من استعدادات قوية يمكنهم الاستمداد منها على حل الاسرار وكشف ما غمض حقيقته عنا ، ولتخسير القوى الطبيعية واستخدامها. وهذه الطائفة ليسوا بأقل من غيرهم بل هم الاكثرون ، سيما في قرننا المظلم آفاقه ، والظالم آهله ، الذى خطف أبصار أهله ما استفاد الغربيون من العلوم ، وركنوا اليهم واليها واكتفوا بها فصاروا عبيدا بعد ما كانوا سادة ، وتبعا بعد ما كانوا متبوعين ، فهل يقظة بعد النوم؟ ونشاط بعد الكسل والفشل.
وما ظلم هؤلاء المترفون بأكثر من ظلم طائفة اخرى كلما رأوا أو سمعوا من الاسرار الكونية الواردة في الثراء العلمية من أحاديثنا يتأولونها بمعان خيالية تفهة ، أو عرفانية صرفة.