وقيل : أصابه السموم فصار أسود فأتى أهله فلم يعرفوه فمات ، وهو يقول : قتلني رب محمد ، ومر به الحارث بن الطلاطلة فأومأ إلى رأسه فامتخط قيحا فمات ، وقيل : إن الحارث بن قيس أخذ (١) حوتا مالحا فأصابه العطش ، فما زال يشرب حتى انقد (٢) بطنه فمات (٣).
وفي قوله تعالى : « ضرب الله مثلا قرية » أي مثل قرية « كانت آمنة » أي ذات أمن « مطمئنة » قارة ساكنة بأهلها ، لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق « يأتيها رزقها رغدا من كل مكان » أي يحمل إليها الرزق الواسع من كل موضع ومن كل بلد ، كما قال سبحانه : « يجبى إليه ثمرات كل شئ (٤) ».
« فكفرت بأنعم الله » أي فكفر أهل تلك القرية « فأذاقها الله » الآية أي فأخذهم الله بالجوع والخوف بسوء أفعالهم ، وسمى أثر الجوع والخوف لباسا ، لان أثر الجوع و الهزال يظهر على الانسان ، كما يظهر اللباس ، وقيل : لانه شملهم الجوع والخوف كاللباس ، قيل : إن هذه القرية هي مكة ، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ، عذبهم الله بالجوع سبع سنين ، وهم مع ذلك خائفون وجلون عن النبى (ص) وأصحابه يغيرون (٥) عليهم قوافلهم ، وذلك حين دعا النبي (ص) فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضرو اجعل عليهم سنين كسني يوسف» وقيل : إنها قرية كانت قبل نبينا صلىاللهعليهوآله بعث الله إليهم نبيا فكفروا به وقتلوه فعذبهم الله بعذاب الاستيصال « ولقد جاءهم رسول منهم » يعني أهل مكة بعث الله إليهم رسولا من جنسهم فكذبوه (٦) وجحدوا نبوته « فأخذهم العذاب وهم
__________________
(١) في المصدر : أكل حوتا.
(٢) انقد : انشق.
(٣) مجمع البيان ٦ : ٣٤٦ و ٣٤٧.
(٤) يجبى إليه : يجمع إليه ، أى يؤتى اليه من كل صوب بثمرات كل شئ. والاية في سورة القصص : ٥٧.
(٥) أغار عليهم : هجم وأوقع بهم.
(٦) في المصدر : بعث الله عليهم رسولا من صميمهم ليتبعوه لا من غيرهم فكذبوه. أقول : من صميمهم أى من خالصهم.