ثم دس ذلك في بئر لبني زريق ، فمرض رسول الله (ص) فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فأخبراه بذلك ، وأنه في بئر ذروان ، في جف طلعة تحت راعوفة ـ والجف : قشر الطلع ، والراعوفة : حجر في أسفل البئر يقف عليه المائح ـ فانتبه رسول الله (ص) وبعث عليا والزبير وعمارا فنزحوا ماء تلك البئر ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأس وأسنان من مشطة ، وإذا فيه معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالابر ، فنزلت المعوذتان ، فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله خفة فقام كأنما أنشط من عقال ، وجعل جبرئيل يقول : « بسم الله أرقيك ، من كل شئ يؤذيك (١) من حاسد وعين والله يشفيك ».
ورووا ذلك عن عائشة وابن عباس ، وهذا لا يجوز لان من وصفه (٢) بأنه مسحور فكأنه قد خبل عقله ، وقد أبى الله سبحانه ذلك في قوله : « وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * انظر كيف ضربوا لك الامثال فضلوا (٣) » ولكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه ، وأطلع الله نبيه صلىاللهعليهوآله ما فعلوه من التمويه حتى استخرج ، وكان ذلك دلالة على صدقه ، وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم ولو قدروا على ذلك لقتلوه ، وقتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم لهم انتهى كلامه قدسسره.
ثم روى عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله اشتكى شكوى شديدا ووجع وجعا شديدا فأتاه جبرئيل ومكائيل عليهماالسلام فقعد جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، فعوذه جبرئيل بـ « قل أعوذ برب الفلق » وعوذه ميكائيل بـ « قل أعوذ برب الناس ».
وعن أبي خديجة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : جاء جبرئيل عليهالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) في المصدر : من شركل شئ يؤذيك.
(٢) في المصدر : لان من وصف ، وهو الصحيح.
(٣) الفرقان : ٨ و ٩.