وذهبوا إلى الصوت ، فإذا الصوت من خلفهم فيذهبون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم ، فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا ، فذلك قوله سبحانه : وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون (١).
بيان : قال الطبرسي : بعد ذكر قصة ام جميل : قيل : كيف يجوز أن لا ترى النبي صلىاللهعليهوآله وقد رأت غيره؟ فالجواب أنه يجوز أن يكون قد عكس الله شعاع عينيها أو صلب الهواء فلم ينفذ فيه الشعاع ، أو فرق الشعاع فلم يتصل بالنبي صلىاللهعليهوآله ، وروي أن النبي قال : مازال ملك يسترني عنها انتهى (٢).
وزاد الرازي على تلك الوجوه : أنه صلىاللهعليهوآله لعله أعرض بوجهه عنها وولاها ظهره ثم إنها لغاية غضبها لم تفتش ، أو لان الله ألقى في قلبها خوفا فصار ذلك صارف لها عن النظر ، أو أن الله تعالى ألقى شبه إنسان آخر على الرسول صلىاللهعليهوآله كما فعل بعيسى عليهالسلام (٣).
٢٧ ـ يج : من معجزاته ما هو مشهورأنه خرج في متوجهه؟ إلى المدينة فأوى إلى غار بقرب مكة تعتوره النزال وتأوي إليه الرعاء فلا تخلو من جماعة نازلين يستريحون فيه ، فأقام صلىاللهعليهوآله به ثلاثا لا يطرده بشر ، وخرج القوم في أثره وصدهم الله عنه بأن بعث عنكبوتا فنسجت عليه فآيسهم من الطلب فيه ، فانصرفوا وهو نصب أعينهم.
٢٨ ـ يج : من معجزاته صلىاللهعليهوآله أنه لاقى أعدائه يوم بدر وهم ألف وهو في عصابة كثلث أعدائه ، فلما التحمت الحرب (٤) أخذ قبضة من التراب والقوم متفرقون في نواحي عسكره ، فرمى به وجوههم ، فلم يبق منهم رجل إلا امتلات منه عيناه ، وإن كانت الريح العاصف يومها إلى الليل لتعصف أعاصير التراب لا يصيب أحدا من عسكره ، وقد نطق به القرآن ، وصدق به المؤمنون ، وشاهد الكفار ما نالهم منه.
__________________
(١) إعلام الورى : ١٨ و ٢٠ ط ١ ، و ٣٧ و ٤٠ ط ٢. والاية في سورة يس : ٩.
(٢) مجمع البيان ١٠ ، ٥٦٠.
(٣) مفاتيح الغيب : سورة تبت.
(٤) التحمت الحرب بينهم. اشتبكت.