فلما نزل اجتمع عليه الناس وسألوه أن ينزل عليهم ، فوثبت ام أبي أيوب إلى الرحل فحلته فأدخلته منزلها ، فلما أكثروا عليه قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أين الرحل ، فقالوا : ام أبي أيوب قد أدخلته بيتها ، فقال صلىاللهعليهوآله : المرء مع رحله ، و أخذ أسعد بن زرارة بزمام الناقة فحولها إلى منزله.
وكان أبوأيوب له منزل أسفل وفوق المنزل غرفة ، فكره أن يعلو رسول الله فقال : يا رسول الله بأبي أنت وامي العلو احب إليك أم السفل؟ فإني أكره أن أعلو فوقك ، فقال صلىاللهعليهوآله : السفل أرفق بنا لمن يأتينا ، قال أبوأيوب : فكنا في العلو أنا وامي ، فكنت إذا استقيت الدلو أخاف أن يقع منه قطرة على رسول الله صلىاللهعليهوآله وكنت أصعد وامي إلى العلو خفيا من حيث لا يعلم ولا يحس بنا ولا نتكلم إلا خفيا ، وكان إذا نام صلىاللهعليهوآله لا نتحرك ، وربما طبخنا في غرفتنا فنجيف(١) الباب على غرفتنا مخافة أن يصيب رسول الله صلىاللهعليهوآله دخان ، ولقد سقطت جرة لنا واهريق الماء فقام ام أبي أيوب إلى قطيفة لم يكن لنا والله غيرها فألقتها على ذلك الماء تستنشف به مخافة أن يسيل على رسول الله (ص) من ذلك شئ ، وكان يحضر رسول الله صلىاللهعليهوآله المسلمون من الاوس والخزرج والمهاجرين ، وكان أبوأمامة أسعد بن زرارة يبعث إليه في كل يوم غداء وعشاء في قصعة ثريد عليها عراق ، فكان يأكل معه من جاء حتى يشبعون ، ثم ترد القصعة كما هي ، وكان سعد بن عبادة يبعث إليه في كل ليلة عشاء ويتعشى معه من حضره ، وترد القصعة كما هي ، وكانوا يتناوبون في بعثه الغداء والعشاء إليه : أسعد بن زرارة ، وسعد بن خيثمة ، والمنذر بن عمرو ، وسعد بن الربيع واسيد بن حضير ، قال : فطبخ له اسيد يوما قدرا فلم يجد من يحملها فحملها بنفسه وكان رجلا شريفا من النقباء ، فوافاه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد رجع من الصلاة ، فقال : حملتها بنفسك؟ قال : نعم يا رسول الله لم أجد أحدا يحملها ، فقال : بارك الله عليكم من أهل بيت.
وفي كتاب دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال : قدم رسول الله المدينة فلما
____________________
(١) أجاف الباب : رده.