الصامت فهو لك دونه ، فقال : إذا أقبل ، فأنزل الله الآية ، وقال السدي : لما كانت وقعة أحد اشتدت على طائفة من الناس ، فقال رجل من المسلمين : أنا ألحق بفلان اليهودي وآخذ منه أمانا ، وقال آخر : أنا ألحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام وآخذ منه أمانا ، فنزلت الآية ، وقال عكرمة : نزلت في أبي لبابة بن عبدالمنذر حين قال لبني قريظة إذا رضوا بحكم سعد إنه الذبح ، والمعنى لا تعتمدوا على الانتصار منهم بهم « بعضهم أولياء بعض » في العون والنصرة « ومن يتولهم منكم » أي استنصر بهم « فإنه منهم » أي هو كافر مثلهم « في قلوبهم مرض » أي شك ونفاق ، يعني ابن أبي « يسارعون فيهم » أي في موالاة اليهود ، وقيل : موالاة اليهود ونصارى نجران ، لانهم كانوا يميرونهم(١) « دائرة » أي دوله تدور لاعداء المسلمين على المسلمين ، فنحتاج إلى نصرتهم ، وقيل : معناه نخشى أن يدور الدهر علينا بمكروه ، يعنون الجدب فلا يميروننا « فعسى الله أن يأتي بالفتح » يعني فتح مكة ، وقيل : يفتح بلاد المشركين « أو أمر من عنده » فيه إعزاز المسلمين وظهور الاسلام ، وقيل : إظهار نفاق المنافقين مع الامر بقتالهم ، أو موت هذا المنافق ، أو القتل والسبي لبني قريضة والاجلاء لبني النضير « فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم » من نفاقهم وولايتهم اليهود ودس الاخبار إليهم « نادمين * ويقول الذين آمنوا » أي صدقوا الله ورسوله ظاهرا وباطنا تعجبا من نفاق المنافقين : « أهؤلاء الذين أقسموا بالله » حلفوا به « جهد أيمانهم » بأغلظ الايمان وأوكدها « إنهم لمعكم » أي إنهم مؤمنون ومعكم في معاونتكم(٢) « حتى لا تكون فتنة » أي شرك(٣).
وقال رحمهالله في قوله : « ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا » : أي لا تحسبن يا محمد أعداءك الكافرين قد سبقوا أمر الله وأعجزوه ، وأنهم قد فاتوك ، فإن الله سبحانه يظفرك بهم كما وعدك « إنهم لا يعجزون » أي لا يعجزون الله ولا يفوتونه حتى لا
____________________
(١) أى يأتونهم بالطعام والمؤنة.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٢٠٦.
(٣) مجمع البيان : ٤ : ٥٤٢.