حيان من العرب بينهما من العداوة مثل ما كان بين هذين الحيين فألف الله قلوبهم حتى صاروا متوادين متحابين ببركة نبينا صلىاللهعليهوآله وقيل : أراد كل متحابين في الله « لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم » أى لم يمكنك جمع قلوبهم على الالفة « ولكن الله ألف بينهم » بأن لطف لهم بحسن تدبيره وبالاسلام الذي هداهم إليه « إنه عزيز حيكم » لا يمتنع عليه شئ يريد فعله ، ولا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة قال الزجاج : وهذا من الآيات العظام ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوآله بعث إلى قوم أنفتهم شديدة ، بحيث لو لطم رجل من قبيلة لطمة قاتل عنه قبيلة ، فألف الايمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه وابنه ، فأعلم الله سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو « يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين » أي كافيك الله ويكفيك متبعوك من المؤمنين ، وقال الحسن معناه الله حسبك وحسب من اتبعك ، أي يكفيك و يكفيهم قال الكلبي نزلت هذه الآية بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال « يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال » أي رغبهم فيه « إن يكن منكم عشرون صابرون » على القتال « يغلبوا مائتين » من العدو « وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا » اللفظ خبر والمراد به الامر « بأنهم قوم لا يفقهون » أي ذلك النصر من الله تعالى لكم على الكفار والخذلان للكفار بأنكم تفقهون أمر الله ، وتصدقونه فيما وعدكم من الثواب فيدعو كم ذلك إلى الصبر على القتال والجد فيه والكفار لا يفقهون أمر الله ولا يصدقونه ، ولما علم الله تعالى أن ذلك يشق عليهم تغيرت المصلحة في ذلك فقال : « الآن خفف الله عنكم » الحكم في الجهاد « وعلم أن فيكم ضعفا » أراد به ضعف البصيرة والعزيمة ، ولم يرد ضعف البدن « فإن يكن منكم مائة صابرة » على القتال « يغلبوا مائتين » من العدو « وإن يكن منكم ألف صابرة » يغلبوا ألفين باذن الله أي بعلم الله أو بأمره « والله مع الصابرين » أي معونة الله معهم(١).
____________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٥٥٥ ـ ٥٥٧.