وهرب الحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الدار وأخوه(١) واستأمن الباقون ، و استاقوا العير إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فقال : والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، و ذلك تحت النخلة فسمي غزوة النخلة ، فنزل : « يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه » الآية ، فأخذ العير وفدى الاسيرين ثم غزى بدر الكبرى.(٢)
١٩ ـ أقول : في تفسير النعماني بسنده المذكور في كتاب القرآن عن الصادق عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في ذكر الناسخ والمنسوخ : ومنه أن الله تبارك وتعالى لما بعث محمدا صلىاللهعليهوآله أمره في بدء أمره أن يدعو بالدعوة فقط ، وأنزل عليه : « يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين و المنافقين ودع أداهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا » فبعثه الله بالدعوة فقط ، و أمره أن لا يؤذيهم ، فلما أرادوه بما هموا به من تبييت(٣) أمره الله تعالى بالهجرة وفرض عليه القتال فقال سبحانه : « اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير » فلما أمر الناس بالحرب جزعوا وخافوا فأنزل الله تعالى : « ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب » إلى قوله سبحانه : « أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة » فنسخت آية القتال آية الكف ، فلما كان يوم بدر وعرف الله تعالى حرج المسلمين أنزل على نبيه : « فإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله » فلما قوي الاسلام وكثر المسلمون أنزل الله تعالى : « ولا تهنوا وتدعو إلى السلم وأنتم الاعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم » فنسخت
____________________
(١) في الامتاع وسيرة ابن هشام : عثمان بن عبدالله بن المغيرة المخزومى ونوفل بن عبدالله بن المغيرة المخزومى.
(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ١٦١ و ١٦٢.
(٣) في المصدر : بما هموا به من بيته.