٦ ـ يه صلى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى البيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة سنة بمكة ، وتسعة عشر شهرا بالمدينة ، ثم عيرته اليهود فقالوا له إنك تابع لقبلتنا ، فاغتم لذلك غما شديدا ، فلما كان في بعض الليل(١) خرج صلىاللهعليهوآله يقلب وجهه في آفاق السماء ، فلما أصبح صلى الغداة ، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبريل فقال له : « قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها » الآية. ثم أخذ بيد النبي صلىاللهعليهوآله فحول وجهه إلى الكعبة ، وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء ، والنساء مقام الرجال ، فكان أول صلاته إلى بيت المقدس ، وآخرها إلى الكعبة فبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين ، فحولوا نحو الكعبة ، فكان أول صلاتهم إلى بيت المقدس ، وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين(٢) ، فقال المسلمون : صلاتنا إلى بيت المقدس تضيع يا رسول الله؟ فأنزل الله عزوجل : « وما كان الله ليضيع إيمانكم » يعني صلاتكم إلى بيت المقدس. وقد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه في كتاب النبوة(٣).
أقول : سيأتي في تفسير النعماني بإسناده إلى الصادق عليهالسلام قال قال أمير المؤمنين عليهالسلام إن رسول الله (ص) لما بعث كانت الصلاة إلى قبلة بيت المقدس سنة بني إسرائيل وقد أخبرنا الله في كتابه بما قصه في ذكر موسى عليهالسلام أن يجعل بيته قبلة ، وهو قوله : « وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة(٤) » وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله في أول مبعثه يصلي إلى بيت المقدس جميع أيام مقامه(٥) بمكة ، وبعد هجرته إلى المدينة بأشهر ، فعيرته اليهود وقالوا : إنك تابع لقبلتنا ، فأحزن رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك منهم ، فأنزل الله تعالى
____________________
(١) في نسخة من المصدر : في نصف الليل.
(٢) في نسخة من المصدر : ذو القبلتين.
(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ٨٨.
(٤) يونس : ٨٧.
(٥) في المصدر : جميع ايام بقائه بمكة.