وستين ، ودفنت بالحجون ، ونزل رسول الله صلىاللهعليهوآله قبرها ولم يكن يومئذ سنة الجنازة والصلاة عليها ، وروي عن عبدالله بن ثعلبة بن صغير قال : لما توفي أبوطالب وخديجة وكان بينهما شهر وخمسة أيام اجتمعت على رسول الله (ص) مصيبتان فلزم بيته ، وأقل الخروج ، ونالت منه قريش ما لم تكن تنال ولا تطمع ، فبلغ ذلك أبا لهب فجاءه فقال : يا محمد امض لما أردت ، وما كنت صانعا إذ كان أبوطالب حيا فاصنعه ، لا واللات لا يوصل إليك حتى أموت ، وسب ابن غيطلة النبي صلىاللهعليهوآله فأقبل عليه أبولهب فنال منه ، فولى يصيح : يا معشر قريش : صبأ أبوعتبة ، فأقبلت قريش حتى وقفوا على أبي لهب فقال : ما فارقت دين عبدالمطلب ، ولكني أمنع ابن أخي أن يصام(١) حتى يمضي لما يريد ، قالوا : أحسنت وأجملت ووصلت الرحم ، فمكث
____________________
ناهيكم عن تظاهركم علينا ، فأخذ عليهم المواثيق واخذوا عليه ، فلما نشروها فاذا هى كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكانوا هم بالغدر أولى منهم ، واستبشر أبوطالب وأصحابه ، وقالوا : أينا أولى بالقطيعة والبهتان؟ فقال المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف ، وهشام ابن عمرو أخو عامر بن لوى بن حارثة ، نحن براء من هذه الصحيفة القاطعة العادية الظالمة ، ولن نمالى أحدا في فساد أنفسنا ، وتتابع على ذلك ناس من اشراف قريش فخرج قوم من شعبهم وقد أصابهم الجهد الشديد ، فقال أبوطالب في ذلك أشعارا منها :
وقد جربوا فيما مضى غب أمرهم |
|
وما عالم امرا كمن لا يجرب |
وقد كان في أمر الصحيفة عبرة |
|
متى ما يخبر غائب القوم يعجب |
محا الله منهم كفرهم وعقوقهم |
|
وما نقموا من باطل الحق مغرب |
فاصبح ما قالوا من الامر باطلا |
|
ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب |
فامسى ابن عبدالله فينا مصدقا |
|
على سخط من قومنا غير معتب |
فلا تحسبونا مسلمين محمدا |
|
لدى عزمة منا ولا متعزب |
ستمنعه منا يد هاشمية |
|
مركبها في الناس خير مركب |
وكان الذى كتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن هاشم فشلت يده فيما يزعمون ، وفى رواية ان الله تعالى اطلع نبيه صلىاللهعليهوآله على أمر صحيفتهم ، وأن الارضة قد أكلت ما كان فيها من جور وظلم ، وبقى ما كان من ذكر الله عزوجل في موضعى القصة. انتهى. أقول : الرواية الثانيه أصح لما تقدم في الاخبار وفى شعر أبى طالب.
(١) أى يظلم ويقهر.