سبعون جملا كانوا يتعاقبون عليها ، وكان رسول الله (ص) وعلي بن أبي طالب عليهالسلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يتعاقبون على جمل لمرثد بن أبي مرثد ، وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس ، وقيل : مائتا فرس ، فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله قال أبوجهل : ما هم إلا اكلة رأس ، لو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم أخذا باليد ، وقال عتبة بن ربيعة : أترى لهم كمينا أو مددا؟ فبعثوا عمر بن وهب الجمحي وكان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله (ص) ، ثم رجع فقال : ما لهم كمين ولا مدد ، ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع أما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الافاعي ، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم و ما أراهم يولون حتى يقتلوا ، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم ، فارتاؤا رأيكم ، فقال له أبوجهل : كذبت وجبنت ، فأنزل الله سبحانه « وإن جنحوا للسلم فاجنح لها » فبعث إليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : « يا معاشر قريش إني أكره أن أبدأكم فخلوني والعرب وارجعوا » فقال عتبة : ما رد هذا قوم قط فأفلحوا ، ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله (ص) وهو يجول بين العسكرين وينهى عن القتال ، فقال صلىاللهعليهوآله إن يك عند أحد خير فعند صاحب الجمل الاحمر ، وإن يطيعوه يرشدوا ، وخطب عتبة فقال في خطبته : يا معاشر قريش أطيعوني اليوم ، واعصوني الدهر ، إن محمدا له إل(١) وذمة ، وهو ابن عمكم فخلوه والعرب فإن يك صادقا فأنتم أعلى عينا به ، وإن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره ، فغاظ أبا جهل قوله وقال له : جبنت وانتفخ سحرك ، فقال : يا مصفرا إسته(٢) مثلي يجبن؟ ستعلم قريش أينا ألام أجبن ، وأينا المفسد لقومه ، ولبس درعه وتقدم هو وأخوه شيبة وابنه الوليد ، و
____________________
(١) الال : العهد. القرابة.
(٢) في النهاية : في حديث بدر قال عتبة لابى جهل : يا مصفر استه ، رماه بالابنة وأنه كان يزعفر استه ، وقيل : هى كلمة تقال للمتنعم المترف الذى لم تحنكه التجارب والشدائد ، و قيل : أراد يا مضرط نفسه من الصفير ، وهو الصوت بالفم والشفتين ، كانه قال : يا ضراط ، نسبه إلى الجبن والخور انتهى وزاد ابن الجوزى : وقيل : كان به برص فكان يردعه بالزعفران.