قال : يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش ، فبزر إليه ثلاثة نفر من الانصار(١) و انتسبوا لهم فقالوا : ارجعوا إنما نريد الاكفاء من قريش ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب وكان له يومئذ سبعون سنة فقال : قم يا عبيدة ونظر إلى حمزة فقال : قم يا عم ، ثم نظر إلى علي فقال : قم يا علي وكان أصغر القوم فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها ، تريد أن تطفئ نور الله ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، ثم قال : يا عبيدة عليك بعتبة بن ربيعة ، وقال لحمزة : عليك بشيبة ، وقال لعلي عليهالسلام : عليك بالوليد ، فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقالوا : أكفاء كرام ، فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته ، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها(٢) فسقطا جميعا ، وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما ، وحمل أمير المؤمنين عليهالسلام على الوليد فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه ، قال علي عليهالسلام : لقد أخذ الوليد يمينه بشماله(٣) فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على الارض ، ثم اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون : يا علي أما ترى الكلب نهز عمك(٤)؟ فحمل عليه علي عليهالسلام فقال : يا عم طأطئ رأسك ، وكان حمزة أطول من شيبة ، فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي فطرح نصفه ، ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه.
وفي رواية اخرى أنه برز حمزة لعتبة ، وبرز عبيدة لشيبة ، وبرز علي للوليد فقتل حمزة عتبة ، وقتل عبيدة شيبة ، وقتل علي الوليد ، وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلي ، وحمل عبيدة حمزة وعلي حتى أتيا به رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستعبر(٥) ، فقال : يا رسول الله ألست شهيدا؟ قال : بلى أنت أول شهيد من أهل
____________________
(١) في السيرة : وهم عوف ومعوذا بنا الحارث ، ورجل اخر يقال : هو عبدالله بن رواحة.
(٢) أى قطعها.
(٣) في المصدر : بيساره.
(٤) نهزه : دفعه وضربه. وفى المصدر : اما ترى أن الكلب قد نهز عمك.
(٥) أى جرت دمعه.