قال : ولما دخل مكة كان يقف بالموسم على القبائل فيقول : يا بني فلان إني رسول الله إليكم ، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وكان خلفه أبولهب فيقول : لا تطيعوه ، وأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله كندة في منازلهم فدعاهم إلى الله عزوجل فأبوا ، وأتى كلبا في منازلهم فلم يقبلوا منه ، وأتى بني حنيفة في منازلهم فردوا عليه أقبح رد.
وفي هذه السنة تزوج رسول الله بعائشة وسوده ، وكانت عائشة بنت ست سنين حينئذ ، وروي لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت : يا رسول الله ألا تتزوج؟ قال : من؟ قالت : إن شئت بكرا ، وإن شئت ثيبا قال : فمن البكر؟ قالت : بنت أبي بكر ، قال : ومن الثيب؟ قالت : سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول ، قال : فاذهبي فاذكريهما علي ، فذهبت إلى أبويهما وخطبتهما فقبلا وتزوجهما.
وفي سنة إحدى عشرة من نبوته كان بدء إسلام الانصار ، وذلك ما روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج في الموسم يعرض نفسه على القبائل فبينا هو على العقبة إذ لقي رهطا من الخزرج ، فقال : من أنتم : فقالوا : من الخزرج ، قال : أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا : بلى ، فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عزوجل ، وعرض عليهم الاسلام ، وتلا عليهم القرآن ، وكان اولئك يسمعون من اليهود أنه قد أظل زمان نبي يبعث ، فلما كلمهم قال بعضهم لبعض : والله إنه للنبي الذي يعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه ، وانصرفوا راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا ، وكانوا ستة أنفس : أسعد بن زرارة ، وعون بن الحارث وهو ابن عفراء ، ورافع بن مالك بن عجلان ، و قطبة بن عامر بن حديدة ، وعقبة بن عامر ، وجابر بن عبدالله ، فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ودعوهم إلى الاسلام حتى فشا فيهم دينهم فلم يبق دار من دور الانصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وفي سنة اثنتي عشرة من نبوته كان
المعراج ، وفي هذه السنة كانت بيعة العقبة
الاولى ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج عامئذ إلى
الموسم ، وقد قدم من الانصار