« فيركمه » أي فيجمعه « جميعا » في الآخرة « فيجعله في جهنم » فيعاقبهم بها(١) ، و قيل : معناه ليميز الكافر من المؤمن في الدنيا بالغلبة والنصر والاسماء الحسنة و الاحكام المخصوصة ، وفي الآخرة بالثواب والجنة ، وقيل : بأن يجعل الكافر في جهنم ، والمؤمن في الجنة ، فيجعل الكافرين في جهنم بعضهم على بعض(٢) يضيقها عليهم « اولئك هم الخاسرون » لانهم قد اشتروا بالانفاق في المعصية عذاب الله. قوله تعالى : « فقد مضت سنة الاولين » أي سنة الله في آبائكم ، وعادته في نصر المؤمنين ، وكبت أعداء الدين(٣).
قوله تعالى : « وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان » أي فأيقنوا أن الله ناصركم إذ كنتم قد شاهدتم من نصره ما قد شاهدتم ، أو المعنى ويجوز أن يكون « آمنتم بالله(٤) » معناه اعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول يأمران فيه بما يريدان ، إن كنتم آمنتم بالله فاقبلوا ما امرتم به من الغنيمة واعملوا به « وما أنزلنا على عبدنا » أي وآمنتم بما أنزلنا على محمد من القرآن ، وقيل : من النصر ، وقيل : من الملائكة أي علمتم أن ظفركم على عدوكم كان بنا « يوم الفرقان » يعني يوم بدر ، لان الله تعالى فرق فيه بين المسلمين والمشركين بإعزاز هؤلاء و قمع اولئك « يوم التقى الجمعان » جمع المسلمين وهم ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ، وجمع الكافرين وهم بين تسعمائة إلى ألف من صناديد قريش ورؤسائهم فهزموهم وقتلوا منهم زيادة على السبعين ، وأسروا منهم مثل ذلك ، وكان يوم بدر يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان(٥) من سنة اثنتين من الهجرة على رأس
____________________
(١) في المصدر : فيعاقبهم به.
(٢) في المصدر : ويجعل الخبيث بعضه على بعض في جهنم.
(٣) مجمع البيان ٤ : ٥٤١ و ٥٤٢.
(٤) هكذا في النسختين المطبوعتين ، وفى نسخة المصنف : او المعنى اعلموا انما غنمتم وفى المصدر : ويجوز أن يكون « ان كنتم آمنتم بالله » معناه اعلموا.
(٥) ذكره ابن هشام في السيرة وقال : قال ابن إسحاق : كما حدثنى أبوجعفر محمد بن على بن الحسين انتهى أقول : اراد الامام الباقر عليهالسلام.
وارخ ابن هشام يوم خروجه صلىاللهعليهوآله من المدينة : يوم الاثنين لثمان خلون من شهر رمضان.