الحجة عليه ويكون بقاء من بقي على الايمان حياة له ، وقوله : « عن بينة » أي بعد بيان « وإن الله لسميع » لاقوالهم « عليم » بما في ضمائرهم « إذ يريكهم الله » العامل في إذ ما تقدم وتقديره آتاكم النصر إذ كنتم بشفير الوادي إذ يريكهم الله ، وقيل : العامل فيه محذوف ، أي اذكر يا محمد إذ يريك الله يا محمد هؤلاء المشركين الذين قاتلوكم يوم بدر « في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر » معناه يريكهم الله في نومك قليلا لتخبر المؤمنين بذلك فيجترؤوا على قتالهم ، وهو قول أكثر المفسرين ، وهذا جائز لان الرؤيا في النوم هو تصور يتوهم معه الرؤية في اليقظة ولا يكون إدراكا ولا علما ، بل كثير مما يراه الانسان في نومه يكون تعبيره بالعكس مما رآه ، كما يكون تعبير البكاء ضحكا ، قال الرماني : ويجوز أن يريد الله(١) الشئ في المنام على خلاف ما هو به ، لان الرؤيا في المنام تخيل للمعنى من غير قطع وإن جامعه قطع مع الانسان على المعنى ، وإنما ذلك على مثل ما يخيل السراب ماء من غير قطع على أنه ماء ، ولا يجوز أن يلهمه اعتقادا للشئ على خلاف ما هو به ، لان ذلك يكون جهلا لا يجوز أن يفعله الله سبحانه ، والرؤيا على أربعة أقسام : رؤيا من الله تعالى ولها تأويل ، ورؤيا من وساوس الشيطان ، ورؤيا من غلبة الاخلاط ، ورؤيا من الافكار ، وكله أضغاث أحلام إلا الرؤيا التي من قبل الله التي هي إلهام في المنام ، ورؤيا النبي صلىاللهعليهوآله هذه كانت بشارة له وللمؤمنين بالغلبة ، وقال الحسن : معنى قوله : « في منامك » في موضع نومك ، أي في عينك التي تنام بها ، وليس من الرؤيا في النوم ، وهو قول البلخي وهذا بعيد « ولو أراكهم كثيرا » على ما كانوا عليه لجبنتم عن قتالهم وضعفتم ، ولتنازعتم في أمر القتال « ولكن الله سلم » أي المؤمنين عن الفشل والتنازع « إنه عليم بذات الصدور » أي بما في قلوبهم(٢) « وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا » أضاف الرؤية في النوم إلى النبي صلىاللهعليهوآله لان رؤيا الانبياء لا يكون إلا حقا ، وأضاف رؤية العين إلى المسلمين ، قلل الله المشركين
____________________
(١) في المصدر : ويجوز أن يرى الله.
(٢) في المصدر : اى بما في قلوبكم ، يعلم انكم لو علمتم كثرة عدوكم لرغبتم عن القتال.