به خليله إبراهيم عليهالسلام والذبيح إسماعيل عليهالسلام ، فصبرا صبرا ، فإن رحمة الله قريب من المحسنين ، ثم ضمه النبي صلىاللهعليهوآله إلى صدره وبكى إليه وجدا به ، وبكى علي عليهالسلام جشعا لفراق رسول الله (ص) ، واستتبع رسول الله صلىاللهعليهوآله أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة ، فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار ، ولبث رسول الله (ص) بمكانه مع علي عليهالسلام يوصيه ويأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشائين ، ثم خرج صلىاللهعليهوآله في فحمة العشاء ، (١) والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل وتنام الاعين ، فخرج وهو يقرأ هذه الآية : « وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون(٢) » وكان بيده قبضة من تراب فرمى بها في رؤوسهم(٣) ، فما شعر القوم به حتى تجاوزهم ، و مضى حتى أتى إلى هند وأبي بكر ، فنهضا معه(٤) حتى وصلوا إلى الغار ، ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول الله (ص) ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبوبكر إلى الغار(٥) ، فلما خلق الليل وانقطع الاثر أقبل القوم على علي عليهالسلام قذفا بالحجارة والحلم(٦) ، فلا يشكون أنه رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى إذا برق الفجر ، وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي عليهالسلام ، وكانت دور مكة يومئذ سوائب لا أبواب لها فلما بصر بهم علي عليهالسلام قد انتضوا السيوف وأقبلوا عليه بها يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة وثب به علي عليهالسلام فختله وهمز يده ، فجعل خالد يقمص قماص
____________________
(١) في المصدر : في فحمة العشاء الاخرة. وفى النهاية فحمة العشاء : هى اقباله واول سواده يقال للظلمة التى بين صلاتى العشاء : الفحمة.
(٢) يس : ٩.
(٣) في المصدر : واخذ بيده قبضة من تراب فرمى بها على رؤوسهم.
(٤) في المصدر : فأنهضهما فنهضا معه.
(٥) في المصدر : الغار. من دون حرف الجر.
(٦) في المصدر : فلما غلق الليل أبوابه ، وأسدل استاره ، وانقطع الاثر أقبل القوم على على عليهالسلام يقذفونه بالحجارة ، فلا يشكون.