وينجو محمد ، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد ، وإلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه يمنع عنه كما يزعم؟ فقال علي عليهالسلام : ألي تقول(١) هذا يا با جهل؟ بل الله قد أعطاني من العقل ما لو قسم على جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء ومن القوة ما لو قسم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء ، ومن الشجاعة ما لو قسم على جميع جبناء الدنيا لصاروا به شجعانا ، ومن الحلم ما لو قسم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء ، ولولا أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أمرني أن لا احدث حدثا حتى ألقاه لكان لي ولكم شأن ، ولاقتلنكم قتلا ، ويلك يا أبا جهل إن محمدا قد استأذنه في طريقه السماء والارض والجبال والبحار في إهلاككم فأبى إلا أن يرفق بكم ، ويداريكم ، ليؤمن من في علم الله أنه ليؤمن منكم ، ويخرج مؤمنون من أصلاب وأرحام كافرين وكافرات ، أحب الله أن لا يقطعهم عن كرامته باصطلامهم ، (٢) ولولا ذلك لاهلككم ربكم ، إن الله هو الغني وأنتم الفقراء لا يدعوكم إلى طاعته وأنتم مضطرون ، بل مكنكم بما كلفكم وقطع معاذيركم فغضب أبوالبختري بن هشام أخو أبي جهل(٣) فقصده بسيفه ، فرأى الجبال قد أقبلت لتقع عليه ، والارض قد انشقت لتخسف به ، وأمواج البحار نحوه مقبلة لتغرقه في البحر ، ورأى السماء انحطت لتقع عليه ، فسقط سيفه وخر مغشيا عليه واحتمل ويقول أبوجهل : دير به(٤) لصفراء هاجت به ، يريد أن يلبس على من معه أمره ، فلما التقى رسول الله (ص) مع علي عليهالسلام قال : يا علي إن الله رفع صوتك في مخاطبتك
____________________
(١) هكذا في النسخ ، وفى المصدر : أنى تقول يا أبا جهل.
(٢) في المصدر : أحب الله أن لا يقتطعهم عن كرامته باصطلامكم. أقول : الاصطلام : الاستئصال.
(٣) خلا المصدر المطبوع والمخطوط الذى عندى عن قوله : « أخو أبى جهل » وهو الصحيح لان أبا البخترى وأبا جهل ليسا بأخوين ، فان أبا البخترى هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبدالعزى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى. على قول ابن إسحاق وابن الكلبى ، والعاص بن هاشم على قول ابن هشام ومصعب الزبيرى ، وأبوجهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي.
(٤) في المصدر : دثر به.