ومنها : أن إسماعيل كان يجوز أن الله جل جلاله يكرم إياه(١) بأنه لا يجد للذبح ألما ، فإن الله تعالى قادر أن يجعله سهلا رحمة لابيه وتكرما(٢) ، ومولانا علي عليهالسلام استسلم للذين طبعهم القتل في الحال على الاستقصاء وترك الابقاء و التعذيب إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء.
ومنها : أن ذبح إسماعيل بيد أبيه الخليل عليهماالسلام ما كان فيه شماتة ومغالبة ومقاهرة من أهل العداوات ، وإنما هو شئ من الطاعات المقتضية للسعادات و العنايات ، ومولانا علي عليهالسلام كان قد خاطر بنفسه لشماتة الاعداء والفتك به بأبلغ غايات الاشتقاء(٣) والاعتداء والتمثيل بمهجته الشريفة(٤) والتعذيب له بكل إرادة من الكفار سخيفة.
ومنها : أن العادة قاضية وحاكمة أن زعيم العسكر إذا اختفى واندفع عن مقام الاخطار وانكسر علم القوة والاقتدار فانه لا يكلف رعية المعلقون عليه(٥) أن يقفوا موقفا قد فارقه زعيمهم ، وكان معذورا في ترك الصبر عليه ، ومولانا علي عليهالسلام كلف الصبر والثبات على مقامات قد اختفى فيها زعيمه الذي يعول عليه وانكسر علم القوة الذي تنظر عيون الجيش إليه ، فوقف مولانا علي عليهالسلام وزعيمه غير حاضر فهو موقف قاهر ، فهذا فضل من الله جل جلاله لمولانا علي عليهالسلام باهر بمعجزات تخرق عقول ذوي الالباب ، ويكشف لك أنه القائم مقامه في الاسباب. ومنها : أن فدية مولانا علي عليهالسلام لسيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله كانت من أسباب
التمكين من مهاجرته ومن كل ما جرى من السعادات والعنايات بنوبته ، فيكون مولانا علي عليهالسلام قد صار من أسباب التمكين من كل ما جرت حال الرسالة عليه
____________________
(١) في نسخة : يكرم أباه.
(٢) في نسخة : وتكريما.
(٣) في نسخة من الكتاب ومصدره : الاشياء.
(٤) فتك به : انتهز منه فرصة فقتله أو جرحه مجاهرة. والتمثيل : العقوبة والتنكيل. و
المهجة : الدم : أو دم القلب : الروح.
(٥) في المصدر : المتعلقون عليه.