قوله : « ليولن الادبار » أي ينهزمون أو يسلمونهم « ثم لا ينصرون » أي لو كان لهم هذه القوة وفعلوا لم ينتفع أولئك بنصرتهم نزلت الآية قبل إخراج بني النضير ، وأخرجوا بعد ذلك وقوتلوا فلم يخرج معهم منافق ولم ينصروهم كما أخبر الله تعالى بذلك ، وقيل : أراد بقوله لاخوانهم بني النضير وبني قريظة. فأخرج بنو النضير ولم يخرجوا معهم ، وقوتل بنو قريظة فلم ينصروهم « لانتم أشد رهبة » أي خوفا « في صدورهم » أي في قلوب هؤلاء المنافقين « من الله » المعنى أن خوفهم منكم أشد من خوفهم من الله « ذلك بأنهم قوم لا يفقهون » الحق ولا يعلمون عظمة الله وشدة عقابه « لا يقاتلونكم جميعا » معاشر المؤمين « إلا في قرى محصنة » أي ممتنعة حصينة ، أي لا يبرزون لحربكم وإنما يقاتلونكم متحصنين بالقرى « أو من وراء جدر » أي يرمونكم من وراء الجدران بالنبل والحجر « بأسهم بينهم شديد » أي عدواة بعضهم لبعض شديدة ، أي ليسوا بمتفقي القلوب ، أو قوتهم فيما بينهم شديدة ، فإذا لاقوكم جبنوا وفزعوا(١) منكم بما قدف الله في قلوبهم من الرعب « تحسبهم جميعا » أي مجتمعين في الظاهر « وقلوبهم شتى » أي مختلفه متفرقة خذلهم الله باختلاف كلمتهم ، وقيل : إنه عنى بذلك قلوب المنافقين وأهل الكتاب « ذلك بأنهم قوم لا يعقلون » ما فيه الرشد مما فيه الغي(٢) « كمثل الذين من قبلهم قريبا » أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وقوتهم كمثل الذين من قبلهم يعني المشركين الذين قتلوا ببدر وذلك قبل غزاة بني النضير بستة أشهر عن الزهري وغيره ، وقيل : يعني بني قينقاع عن ابن عباس ، وذلك أنهم نقضوا العهد مرجع رسول الله (ص) من بدر ، فأمرهم رسول الله (ص) أن يخرجوا ، فقال عبدالله بن أبي : لا تخرجوا فإني آتي النبي صلىاللهعليهوآله فأكلمه فيكم ، أو أدخل معكم الحصن ، فكان هؤلاء أيضا في إرسال عبدالله بن أبي إليهم
___________________
(١) تفرقوا خ ل أقول : في المصدر : وتفرغوا.
(٢) في المصدر زيادة لم يذكره المصنف اختصارا وهى : وانما كان قلوب من يعمل بخلاف العقل شتى لاختلاف دواعيهم واهوائهم ، وداعى الحق واحد ، وهو العقل الذى يدعوا إلى طاعة الله والاحسان في الفعل.