المؤمنين عند القسمة ، وقيل : بخلا بأن يتكلموا بكلام فيه خير « أولئك لم يؤمنوا » وإلا لما فعلوا ذلك « فأحبط الله أعمالهم » لانها لم تقع على الوجوه التى يستحق عليها الثواب « وكان ذلك » أي الاحباط أو نفاقهم « على الله يسيرا » أي هينا « يحسبون الاحزاب لم يذهبوا » أي يظنون أن الجماعات من قريش وغطفان و أسد واليهود الذين تحزبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله لم ينصرفوا وقد انصرفوا. وإنما ظنوا ذلك لجبنهم وفرط حبهم قهر المسلمين « وإن يأت الاحزاب » أي وإن يرجع الاحزاب إليهم ثانية للقتال « يودوا لو أنهم بادون في الاعراب يسألون عن أنبائكم » أي يود هؤلاء المنافقون أن يكونوا في البادية مع الاعراب يسألون الناس عن أخباركم ولا يكونوا معكم حذرا من القتل وتربصا للدوائر « ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا » أي ولو كانوا معكم لم يقاتلوا إلا يسيرا ليوهموا أنهم في جملتكم « لقد كان لكم » معاشر المكلفين « في رسول الله أسوة حسنة » أي قدوة صالحة ، أي كان لكم برسول الله اقتداء لو اقتديتم به في نصرته ، والصبر معه في مواطن القتال « لمن كان يرجو الله » بدل من قوله : « لكم » يعني أن الاسوة برسول الله إنما يكون لمن يرجو ما عند الله من الثواب والنعيم « واليوم الاخر وذكر الله كثيرا » أي ذكرا كثيرا « ولما رأى المؤمنون الاحزاب » مع كثرتهم « قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله و صدق الله ورسوله » قيل : إن النبي (ص) كان أخبرهم أنه يتظاهر عليهم الاحزاب ووعدهم الظفر بهم ، فلما رأوهم تبين لهم مصداق قوله ، وكان ذلك معجزا له ، و قيل : إن الله وعدهم في سورة البقرة بقوله : « أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا » إلى قوله : « إن نصر الله قريب »(١) ما سيكون من الشدة التي تلحقهم من عدوهم ، فلما رأوا الاحزاب يوم الخندق قالوا هذه المقالة علما منهم أنه لا يصيبهم إلا ما أصاب الانبياء والمؤمنين قبلهم « وما زادهم مشاهدة عدوهم إلا إيمانا » أي تصديقا بالله ورسوله « وتسليما » لامره « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه » أي بايعوا أن لا يفروا فصدقوا في لقائهم العدو « فمنهم من قضى
___________________
(١) البقرة : ٢١٤.