وعظم عند ذلك البلاء ، واشتد الخوف ، وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم ، حتى ظن المؤمنون كل ظن ، وظهر النفاق(١) من بعض المنافقين ، فأقام رسول الله صلىاللهعليهوآله وأقام المشركون عليه بضعا وعشرين ليلة لم يكن بينهم قتال إلا الرمي بالنبل ألا أن فوارس من قريش منهم : وعمرو بن عبد ود(٢) أخو بني عامر ابن لؤي ، وعكرمه بن أبي جهل ، وضرار بن الخطاب(٣) وهبيرة بن أبي وهب و نوفل بن عبدالله قد تلبسوا للقتال ، وخرجوا على خيولهم حتى مروا بمنازل بني كنانة فقالوا : تهيأوا للحرب يا بني كنانة ، فستعلمون اليوم من الفرسان ، ثم اقبلوا تعنق(٤) بهم خيولهم حتى وقفوا على الخندق ، فقالوا : والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها ، ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق فضربوا خيولهم فاقتحموا فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع ، وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذ منهم الثغرة(٥) التي منها اقتحموا ، وأقبلت الفرسان نحوهم و كان عمرو بن عبد ود فارس قريش ، وكان قد قاتل يوم بدر حتى ارثت(٦) وأثبته الجراح فلم يشهد أحدا ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده ، وكان يعد بألف فارس وكان يسمى فارس يليل ، لانه أقبل في ركب من قريش حتى إذا هو بيليل(٧) وهو واد قريب من بدر عرضت لهم بنو بكر في عدد ، فقال لاصحابه : امضوا ، فمضوا فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه ، فعرف بذلك ، وكان اسم
___________________
(١) في السيرة : ونجم النفاق من بعض المنافقين.
(٢) في السيرة : عمرو بن عبد ود بن ابى قيس اخو بنى عامر بن لؤى.
(٣) في السيرة : ضرار بن الخطاب الشاعر ابن مرداس اخو بنى محارب بن فهر.
(٤) اى تسرع.
(٥) في المصدر والسيرة : حتى اخذ عليهم الثغرة. أقول : الثغرة بالضم : الثلمة التى كانت في الخندق.
(٦) ارتث : حمل من المعركة.
(٧) في المصدر : حتى اذا كانوا بيليل.