عليهم ، فقال : فداكم أبي. أمي لقد سرني ما رأيت منكم ، وما في العرب أحد غيركم ، والله ما في محمد مثلكم ، ولقد قل المقام وطعامكم كثير ، وماؤكم وافر لا تخافون قطعه ، فلما خرج قال ثقيف لابي محجن : فإنا قد كرهنا دخوله ، و خشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه فينا أو في حصننا ، فقال أبومحجن : أنا كنت أعرف به ، ليس أحد منا أشد على محمد منه وإن كان معه ، فلما رجع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : قلت لهم : ادخلوا في الاسلام ، فوالله لا يبرح محمد من عقر داركم حتى تنزلوا ، فخذوا لانفسكم أمانا فخذلتهم ما استطعت ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد كذبت ، لقد قلت لهم : كذا وكذا ، وعاتبه جماعة من الصحابة ، وقال : أستغفر الله وأتوب إليه ولا أعود أبدا.
بيان : عقد الدار باضم : وسطها وأصلها قد يفتح.
٦ ـ شا : ثم كانت غزاة(١) حنين استظهر رسول الله فيها بكثرة الجمع فخرج صلىاللهعليهوآله متوجها إلى القوم في عشرة آلاف من المسلمين ، فظن أكثرهم أنهم لم يغلبوا(٢) لما شاهدوه من جمعهم وكثرة عدتهم(٣) وسلاحهم ، وأعجب أبابكر الكثرة يومئذ فقال : لن نغلب اليوم من قلة ، وكان الامر في ذلك بخلاف ما ظنوا(٤) وعانهم أبوبكر بعجبه بهم ، فلما التقوا مع المشركين لم يلبثوا حتى انهزموا بأجمعهم ، ولم يبق منهم مع النبي صلىاللهعليهوآله إلا عشرة أنفس : (٥) تسعة من بني هاشم خاصة ، وعاشرهم أيمن بن أم أيمن ، فقتل أيمن رحمة الله عليه ، وثبتت التسعة(٦) الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله من كان انهزم ، فرجعوا أولا فأولا حتى تلاحقوا ، وكانت لهم الكرة على المشركين ، وفي ذلك أنزل الله تعالى وفي إعجاب أبي بكر بالكثرة : « ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على
____________________
(١) غزوة خ ل. (٢) لن يغبلوا خ ل.
(٣) عددهم خ ل. (٤) ما ظنوه خ ل.
(٥) نفر خ ل. (٦) النفر خ ل.